حركية "قانونية" غير معهودة تعيشها وزارة الصحة هذه الأيام، فبعد أن صادق المجلس الحكومي قبل أزيد من أسبوع على مشروع قانون جديد يهم منح الأجرة التكميلية للمدرسين الباحثين في كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان، تمكن الوزير، الحسين الوردي، من تمرير قانون التعويضات عن الحراسة والخدمة الإلزامية والمداومة، التي يزاولها الأطباء بكل أصنافهم، أمام أعين المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس المنصرم، رغم عدم الزيادة في المبالغ الحالية لتلك التعويضات.

ويهم المشروع الأخير إلى تجاوز الصعوبات التي تصادفها المراكز الاستشفائية الجامعية ومصالح وزارة الصحة في تنفيذ التعويض عن الحراسة وعن الخدمة الإلزامية وفي صرفه لمستحقيه، حيث سيضم القانون الجديد فئة "الأساتذة الباحثين في الطب" و"الطلبة المقيمين"، ممن يكلفون بمهام الحراسة أو الخدمة الإلزامية، إلى "مستخدمي المراكز الاستشفائية الجامعية"، لتجاوز اعتراض مصالح المراقبة المالية على صرف تعويضات لهم.

كما يشمل القانون موافقة النمط الزمني للحراسة والخدمة الإلزامية بالمراكز الاستشفائية الجامعية، مع المعمول به داخل المصالح الصحية التابعة مباشرة لوزارة الصحة، إلى جانب إدراج الأساتذة الباحثين والأطباء المتخصصين في الأنكولوجيا الطبية والعلاج الإشعاعي وأمراض الرئة والسل وعلم الدم السريري، وكذا مساعدي الصحة حاملي الإعدادية ومساعدي الصحة المجازين من الدولة، ضمن المستفيدين من ذلك التعويض.

وكان المجلس الحكومي قد صادق قبل أزيد من أسبوع على قانون جديد يرمي إلى حصر الاستفادة من الأجرة التكميلية للمدرسين الباحثين في كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان، في فئة الأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي للأساتذة الباحثين، ، أي الأساتذة الأطباء دون غيرهم، وهي القيمة المالية التي تضاف إلى الأجرة الرئيسية المقررة لوضعيتهم النظامية، مقابل مهامهم الاستشفائية وتخصصاتهم الطبية والأعباء المترتبة عن ذلك، لاسيما المخاطر المهنية.

فراج فؤاد، رئيس ائتلاف طلبة وخريجي كليات الطب بالمغرب، اعتبر أن الخرجات الأخيرة لوزارة الصحة "لا تسمن ولا تغني واقع الأطباء المرير من داخل المستشفيات"، متهما الوزير الوردي كونه يغدر خارج السرب "ويعمل بعيدا من أولويات القطاع بل قريبا من حملة انتخابية سابقة لأوانها".

وأشار فراج، إلى أن "الوزارة تظلم الطلبة المقيمين، الذين يقومون بواجباتهم المهنية أمام ضعف الإمكانيات.. حيث لا تمنحهم التعويضات التي يستحقونها"، أما الأطبّاء الخرّيجين "فنظام الحراسة العامة قانونا هي 12 ساعة حراسة ثم 36 ساعة راحة، ويبقى الغرض منه هو صحة المريض وليس راحة الطبيب.. إلا أن هذا القانون تتم مخالفته ويبقى المريض هو الضحية الذي يتواجد بين أيدي طبيب منهك من الحراسة والمداومة أثر من 12 ساعة".

ويرى الطبيب المتحدث أن الوزارة تلجأ في بعض الحالات إلى اعتماد العمل غير القانوني وفي ظروف غير عادية في حق الأطباء، "من أجل التغطية على الخصاص الذي يعرفه القطاع"، موضحا في أمثلة "الأطباء المُقيمين في المراكز الجامعية الاستشفائية، أي في حالة تكوين، يلتحقون بعد دراستهم بالمداومة لأكثر من 12 ساعة إلى 24 ساعة بل أحيانا إلى 3 أيام متواصلة، أما الأطباء العاملين في صنف الجراحة فمدة الحراسة تصل لأسبوع كامل دون تلقي تعويضات مستحقة أو العمل في ظروف مطلوبة".

"أمام ضعف المنح والتعويضات لصالح الأطباء وقلة الموارد البشرية.. فإن الوزارة معنية بالعمل على إصلاح جذري وليس العمد إلى ترميم وترقيع دوري لبعض الأعطاب"، يقول فراج، الذي يضيف أن المغرب، أمام هذه الوضعية، يبقى جد متخلف بالمقارنة مع جيرانه "عندنا هناك 6 أطباء لكل 10 آلاف.. في الجزائر هناك 12 طبيب/10 آلاف مواطن ومصر 28 طبيب/10 آلاف..".

وعاتب فراج على وزارة الصحة تهربها من توفير مناصب لخريجي كليات الطب، "في السنة الماضية خصص 430 منصب من أصل ألفين، وهذا العام خصصت 225 فقط منصب للأطباء من أصل ألفين.. إنها مهزلة أمام النقص الحاد في الموارد البشرية في المستشفيات"،

وطالب المتحدث "بالرفع من عدد المناصب المالية في القطاع العام للأطباء، وتحفيزهم منت أجل الرفع من مردوديتهم.. نريد تحفيزا يربط الأجر بالعمل"، مضيفا بالقول "نحتاج إلى تحسين وضعية الطبيب بالمغرب من أجل الرفع من جودة الصحة في المغرب".