لا يخفي غالبية الناخبين التونسيين الذين يتوجهون الأحد القادم لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد "عزمهم" على إجهاض ما يقولون "مخططات نهضة المرزوقي" التي تهدف لـ"الإستحواد" مجددا على كرسي قرطاج وعزمهم على "الانتصار" للمشروع الوطني الحداثي في تأكيد واضح على التصويت لصالح زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي الذي بات الأوفر حظوظا خاصة بعد إعلان خمسة مترشحين انسحابهم من السباق الرئاسي.

وقبل أربعة أيام من الانتخابات الرئاسية بدأ الشارع السياسي وهو يتابع انسحاب المترشحين الخمسة بـ"ارتياح" أكثر "وثوقا" في "نجاح مسار الانتقال الديمقراطي" بعد أن "تراجعت حظوظ حليف حركة النهضة الإسلامية منصف المرزوقي" لفائدة منافسه قائد السبسي الذي بات يرى فيه غالبية التونسيين "حامل المشروع الحداثي" و"رمزا لوحدة الكيان الوطني" ضد نزعات الكراهية وتقسيم التونسيين.

وبدا انسحاب مترشحين "دستوريين"، نسبة إلى الحزب الدستوري الذي أسسه الزعيم الحبيب بورقيبة في الثلاثينات من القرن الماضي، وقاد حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، "قرارا شجاعا" باعتباره يحد من تشتت أصوات الناخبين ليعزز القاعدة الانتخابية الدستورية لزعيم نداء تونس.

وجاء انسحاب المترشحين الدستوريين، وهم عبدالرحيم الزواري ومصطفى كمال النابلي ونور الدين حشاد على إثر إعلان رئيس الحركة الدستورية حامد القروي دعم قائد السبسي وهو قرار رأى فيه السياسيون "خطوة هامة" وحدت العائلة الدستورية والقوى الوطنية والديمقراطية ضد حركة النهضة الإسلامية وحليفها المترشح منصف المرزوقي.

وكان القروي صرح في أكثر من مناسبة أن "الدستوريين لن يبقوا مكتوفي الأيدي" خلال الانتخابات وأن "الواجب الوطني يملي عليهم إنقاذ الدولة التونسية مما تتعرض له من مخاطر" في إشارة إلى "مشروع الأسلمة" الذي تتبناه حركة النهضة.

وخلال الأيام الأخيرة خرج حامد القروي عن صمته ليحذر من خطورة الخطاب السياسي للمرزوقي الذي يحرض على العنف والفتنة معتبرا فوزه "كارثة على تونس".

ويقول مراقبون أن انسحاب المترشحين الدستوريين تم بناء على "اقتناع" بضرورة حسم المنافسة لصالح قائد السبسي وإجهاض مخططات المرزوقي خاصة بعد أن التجأ في حملته الانتخابية إلى قواعد النهضة وميليشياتها وإلى الجماعات السلفية.

ولم يتردد مصطفى كمال النابلي إثر انسحابه في القول إن "تونس اليوم في حاجة إلى عدم تشتيت الأصوات وضمان عودة المرزوقي للحكم".

ويرى الدستوريون أن تحالف المرزوقي مع الإسلاميين يشكل خطرا على مدنية الدولة ومسار الانتقال الديمقراطي وأنهم كرجال دولة معنيون قبل غيرهم بحماية مكاسب التونسيين التي تحققت في ظل المشروع الوطني الذي قادته دولة الاستقلال مند العام 1956.

وتحظى مواقف الدستوريين بتأييد سياسي وشعبي لكونها تتمسك بمقومات المشروع الوطني الحداثي وفي مقدمتها الولاء للدولة والتمسك بحرية المرأة والنأي بالإسلام الذي هو دين كل التونسيين عن الخلافات السياسية.

وإزاء توسع القاعدة الانتخابية لقائد السبسي سارع المرزوقي وراشد الغنوشي إلى التفاوض مع مترشحين مقربين منهما وإقناعهم بالانسحاب لفائدة المرزوقي حيث أعلن اليوم الأربعاء عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة وفاء انسحابه من السباق الرئاسي.

غير أن المحللين السياسيين يشددون على أن الخناق ضاق على المرزوقي وأنه بات "منافسا هشا" أمام قائد السبسي وهم يرون أن اتجاهات الرأي العام مشدودة لدعم المشروع الوطني الحداثي.

ويرى المحللون أن "المعركة الانتخابية" تتجاوز المنافسة بين شخص قائد السبسي والمرزوقي لتشمل "مشروعين متناقضين"، مشروع وطني ديمقراطي يمثله قائد السبسي ومشروع إسلامي يمثله بالوكالة المرزوقي.