في الوقت الذي كانت فيه كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية تعرب عن أملها بفتح الحدود بين المغرب و الجزائر من أجل تشجيع التعاون التجاري و الأمني بين البلدين الجارين , وتصف مبادرات التقارب المحققة الى حد الساعة بينهما بالخطوة في الاتجاه الصحيح , كان الرئيس الجزائري بوتفليقة الذي غادرت كلينتون بلاده للتو متوجهة الى الرباط يعيد ترديد أسطوانة تقرير المصير المشروخة و ما الى ذلك من التعابير الديبلوماسية المستفزة التي ظلت في عدة مناسبات سببا في إعادة مسلسل العلاقات الودية بين الجزائر و الرباط الى نقطة الصفر المعتادة ليس من قبيل الصدف أن يودع السيد بوتفليقة ضيفته كلينتون من هنا و يسارع ديوانه الى مراسلة عبد العزيز المراكشي بتندوف مهنئا إياه بذكرى قيام جمهورية الوهم فوق جزء من التراب الجزائري ، و يجدد له تمسك الجزائر بالتطبيق الصارم لمذهب الأمم المتحدة في مجال «تصفية الاستعمار» كذا.


تخريجة بوتفليقة تذكرنا بخطوة مماثلة قبل سنوات كانت سببا مباشرا في إجهاض لقاء للقمة المغاربية و إدخال المشروع المغاربي الى ثلاجة الاحتضار الطويل مبدئيا وزيرا خارجية البلدين اتفقا قبل أسابيع معدودة على مباشرة خطوات التقارب و ترك ملف الصحراء جانبا لاختصاص الأمم المتحدة ، وهذا يعني في منطق السياسة و الأعراف الديبلوماسية أن يكف الطرفان عن كل التصريحات و المواقف المستفزة أو التي يفهم منها أنها تنطوي على نوع من الابتزاز و الضغط اختيار توقيت زيارة كلينتون للرباط و تأكيدها أن موقف البيت الأبيض من قضية الصحراء المغربية لم يتغير وتجديد وصفها مقترح الحكم الذاتي بالجدي و ذي المصداقية و الوسيلة الكفيلة بحل النزاع « المفتعل» لإطلاق تصريحات و مواقف ملغمة تتضمن رسائل مبطنة موجهة الى البيت الأبيض و الرباط في نفس الوقت سلوك أرعن و مرفوض و ستكون لا شك له تداعيات لا تخدم البتة مسارات التقارب و التطبيع


الملف بيد الأمم المتحدة و جرعات الدعم المزيفة لأطروحة الانفصاليين عشية الجولة التاسعة من المفاوضات الأممية غير الرسمية لن تغير من حقائق الوضع الميداني شيئا واشنطن قوة مؤثرة و عضو دائم بمجلس الأمن ، و تصريف خلافات محلية لابتزازها و تلغيم أجندة زيارتها للرباط بسلوك مماثل ينطوي على العديد من المخاطر الديبلوماسية التي يدرك ساسة الشقيقة الجزائر قبل غيرهم كم هو غال الثمن الذي دفعته شعوب البلدين نتيجة موجات التصابي غير المحسوبة