بدأ اليمنيون التصويت يوم الثلاثاء لاختيار خلف للرئيس علي عبد الله صالح في انتخابات يأمل كثيرون ان تعطي البلاد فرصة لاعادة البناء بعد عام من الاضطراب الذي دفع اليمن الى حافة حرب اهلية ورغم أن نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي يخوض السباق بلا منافس كمرشح توافقي فان الانتخابات توصف بأنها محاولة لمساعدة اليمن على بدء صفحة جديدة بعد رئيس حكم البلاد بقبضة حديدية على مدى 33 عاما وسيجعل التصويت صالح الموجود حاليا في الولايات المتحدة لتلقي مزيد من العلاج من حروق اصيب بها في محاولة اغتيال في يونيو حزيران رابع حاكم مطلق في العالم العربي يترك المنصب خلال عام بعد انتفاضات في تونس ومصر وليبيا ايضا واصطف الناخبون في طوابير طويلة في وقت مبكر هذا الصباح خارج مراكز الاقتراع في العاصمة صنعاء وسط اجراءات امنية مشددة بعد انفجار وقع في مركز تصويت في مدينة عدن الساحلية الجنوبية عشية التصويت.

وقالت الناشطة اليمنية الفائزة بجائزة نوبل للسلام توكل كرمان وهي تنتظر امام كلية جامعية في صنعاء للادلاء بصوتهاان اليمنيين يعلنون الان نهاية عهد علي عبد الله صالح وسوف يبنون يمنا جديدا وغمس الناخبون اصابع الابهام في الحبر ووضعوا علامة على اختيارهم في ورقة اقتراع تحمل صورة لهادي وخريطة لليمن بألوان قوس قزح وسيكون الاقبال الكبير حيويا لاعطاء هادي الشرعية التي يحتاجها لتنفيذ التغييرات الواردة في اتفاق لنقل السلطة توسط فيه الجيران الخليجيون لليمن ومنها وضع دستور جديد واعادة هيكلة القوات المسلحة التي يشغل اقارب صالح مراكز اساسية فيها وتلقى الانتخابات دعما من الولايات المتحدة وجيران اليمن الاغنياء بقيادة السعودية الذين رعوا اتفاق السلام المبرم في نوفمبر تشرين الثاني وسلم صالح بموجبه السلطة الى هادي.

ووقفت شاحنة صغيرة تحمل مدافع مضادة للطائرات وتمتليء بالجنود امام كلية اخرى بجامعة صنعاء في حين اصطف مئات الرجال للادلاء بأصواتهم وقال زياد القيطوي البالغ من العمر 21 عاما "انها نهاية الطاغية ونأمل ان تكون نهاية طغيان عائلته" واضاف "انها ثمرة عام حافل بالثورة" لكن الانتخابات لن تحسم مواجهة عسكرية قائمة بين أقارب صالح ولواء منشق ومسلحين موالين لشيوخ قبائل. ويشهد اليمن تمردا مسلحا في الشمال وحركة انفصالية في الجنوب حيث حقق اسلاميون متهمون بأن لهم صلات بالقاعدة مكاسب ميدانية ايضا.

ولم يتضح المسؤول عن اعمال العنف يوم الاثنين. لكن الانفصاليين يطالبون بفك الارتباط بالشمال الذي خاضوا معه حربا اهلية في 1994 بعد وحدة سياسية رسمية في 1990 ويقول الجنوبيون الذين يتهمون الشمال بالاستيلاء على مواردهم والتمييز ضدهم انهم سيقاطعون الانتخابات لانها تضفي شرعية على عملية سياسية لا يشاركون فيها ويهدد هذا الاحتمال بنزع الشرعية عن خطة نقل السلطة التي صاغها مجلس التعاون الخليجي بدعم من الولايات المتحدة والتي تتضمن بقاء نائب الرئيس عبد ربه هادي منصور في المنصب لعامين لصياغة دستور جديد واجراء انتخابات متعددة الاحزاب وندد ناشطون شبان كانوا شاركوا في الاحتجاجات على حكم صالح بالانتخابات مقدما وهم يرون خطة انتقال السلطة اتفاقا بين نخبة يعتبرونها شريكا في جرائم ارتكبت في فترة حكم صالح بما في ذلك قتل المحتجين المشاركين في الانتفاضة ضد حكمه.

وقالت رنا جرهوم البالغة من العمر 29 عاما "الانتخابات سيناريو سياسي وضعته مبادرة مجلس التعاون الخليجي لكنها في جوهرها غير ذات صلة بالمثل الحقيقية للديمقراطية" وبعدما دعمت واشنطن الرئيس السابق صالح لوقت طويل كخصم لفرع القاعدة باليمن الذي خطط لهجمات فاشلة بالخارج فانها تساند الان الانتقال لضمان ان يكون لها شريك في حربها ضد القاعدة والتي تشمل تنفيذ عمليات اغتيال باستخدام طائرات بدون طيار وقال السفير الامريكي لدى صنعاء جيرالد فيرستاين ان ايران الشيعية تثير الاضطرابات في المحافظات الشمالية باليمن حيث حاولت قوات صالح دون جدوى قمع متمردين شيعة. وتتفق هذه التصريحات مع اتهامات من الدول المجاورة لليمن التي يقودها السنة بأن طهران تسعى لزيادة نفوذها الاقليمي من خلال طابور خامس شيعي.

ودعا السفير ايضا الى اعادة توحيد جيش يقود فيه احمد علي نجل صالح ويحيى ابن شقيق الرئيس السابق وحدات اساسية تتمتع بدعم الولايات المتحدة. ويخوض الاثنان مواجهة مع الزعيم القبلي صادق الاحمر واللواء المنشق علي محسن اللذان حولت معاركهما مع المؤيدين لصالح مناطق في صنعاء الى انقاض واشار هادي الى تلك الانشقاقات في رسالة الى الامة قبل ساعات من التصويت واكد ضرورة معالجتها لتجنب ان يصل اليمن "الى ما وصلت اليه الصومال تشرذما وتفككا ودمارا" واضاف "لا يمكن الحديث عن وطن مستقر دون اعادة الحياة لوضعها الطبيعي وازالة كافة المظاهر التي تم استحداثها ابتداء بانهاء الانقسام الحاصل في الجيش" وتواجه الحكومة المؤقتة ازمة مالية وانسانية وطلبت مساعدات دولية بمليارات الدولارات لتجنب الانهيار في دولة تسبب الاضطراب بها في شلل شبه كامل لصادرات النفط المتواضعة التي تمول واردات المواد الغذائية وقدر صندوق النقد الدولي ان الاحتياطيات الاجنبية لليمن انخفضت الى 2.7 مليار دولار العام الماضي ويقول صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ان 57 في المئة من اطفال اليمن البالغ عددهم 12 مليونا يعانون من سوء التغذية بصورة مزمنة -وهو اعلى مستوى خارج افغانستان- وأن نصف مليون طفل يمني يواجهون الموت او التشوه.