أثار تنزيل برنامج "مسار" كثيرا من القيل والقال، وككل "نازلة " بالمغرب تجد الكل يدلي بدلوه ويفتي ويبرئ ويدين،حتى لو كان لا يعرف نطق الكلمة  بالشكل الصحيح .  ومن خلال هذا الهرج والمرج تستشف جانبا من المأساة التي يعيشها قطاع التربية والتكوين قياسا على مختلف القطاعات  بهذا البلد الحبيب  الذي يعيش على وقع الاتهام  والاتهام المضاد . وفي مثل هذه الظروف يصيح المرء ولا يكاد يسمع صوته ، ولكن درء لليأس نعيد الصيحة عسى أن يلتفت أحد لملاحظات ممارس بما فيها وعليها من المجحف جدا أن نتهم رجال التعليم برفض كل جديد خاصة عندما يتعلق الأمر بإدخال تكنولوجيا الاتصال، وكم يحز في النفس أن تلمس حقدا دفينا يكنه كثير لهذه الفئة التي لم نقل يوما من الأيام أنها مجموعة من الملائكة.

إن إنزال برنامج مسار كان بشكل متسرع ولم يتم إشراك عناصر أساسية من عناصر المنظومة التعليمية ومنهم الأساتذة والتلاميذ في المشاورات التي سبقت هذا التنزيل، فأنا كممارس لم أسمع به إلا حينما طلب مني إدخال النقط وفقه على عكس ما روج له وزير التربية والتكوين  
تعاني كثير من المؤسسات التعليمية من نقص فادح في الوسائل التكنولوجية الكفيلة بنجاح هذه العملية مثل الحواسيب وضعف أو انعدام شبكات التغطية التي تؤمن الاتصال،وعدم قدرة البرنامج استيعاب العدد الهائل للراغبين في ولوجه، دون أن نتحدث عن انتفاء الشروط الضرورية للعمل والعيش الكريمين.

تمت برمجة مسار وفق جدولة محددة ودقيقة لإجراء الحصص الدراسية والفروض ، هذه الجدولة يصعب كثيرا بل يستحيل في بعض الأحيان التقيد بها نظرا للإكراهات الجمة على أرض الواقع منها على سبيل المثال ضعف مستوى المتعلمين الذي لا يساعد على إنجاز العدد الكافي من الدروس لإجراء العدد المطلوب من الفروض

  يروج كثيرا أن مسك النقط وفق برنامج مسار سيخدم الشفافية وسيسهل المحاسبة وكأننا كنا نشتغل في فوضى وضبابية عارمتين  الشيء الذي لا أتفق معه، لأن الطريقة الماضية بدورها كانت تسمح بالمحاسبة ألم تكن أوراق تحرير الفروض المحروسة يحتفظ بها؟ وبالتالي من الممكن الإطلاع عليها ومقارنتها بالنقط المدونة في مختلف اللوائح والتي يحتفظ بها أيضا. بل كان من الواجب أن يعرف التلميذ علامته من خلال اطلاعه على أوراق تحرير الفروض المحروسة مصححة وكيفية حساب المعدل على مستوى كل مادة. ألم تكن المذكرات تفرض إجراء الفرض خلال حصة وتصحيحه خلال حصة أخرى؟ 

   أعتقد أن النقط /العلامات التي نتحدث عن كيفية تدوينها ووضعها رهن إشارة الآباء ومختلف اللجان يعرف الداني والبادي مسبقا أنها متدنية تبعا لتدني مستوى المتعلمين،وأن الاستثناء قليل وفيه كثير كلام، وبالتالي كان من الواجب التفكير في الطريقة الشرعية للرفع منها ،عوض دفع البعض إلى  تحسينها عن طريق التحايل الذي لا يمكن لمسار الحد منه  ،مثل تغاضي الطرف عن الغش الذي أصبح بعض رؤساء المؤسسات يحثون عليه طلبا لاحتلال مراتب متقدمة لاهثين وراء تنويه مزيف من هذه الجهة أو تلك .