الخطوة التي أقدمت عليها الدبلوماسية العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس لم تكن نصرا قانونيا بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإن أفلحت في الحصول على الأصوات المطلوبة لصالح القرار الذي طرحته الدول العربية المناوئة للنظام السوري بأغلبية ساحقة، ذلك أن المشكلة في القرار الذي تم التصويت عليه هي أنه صيغ بعقلية سياسية، لا بعقلية قانونية دولية وغاية ما حصلت عليه الدول العربية هو قرار غير ملزم من الجمعية العامة، لا يحقق أدنى مطالب الشعب السوري الواقع تحت القصف اليومي.
فالتنديد بالنظام السوري الذي جاء في القرار، ومطالبة الرئيس السوري بالتنحي وتسليم السلطة إلى نائبه مطلبان سياسيان، لا أكثر ولعل الأمر لا يحتاج إلى كثير عناء لمعرفة أن ما يحتاجه الشعب السوري في الوقت الحالي هو وقف الهجمات الوحشية الهمجية المستمرة عليه، ومساندة الجيش السوري الحر بالمال والسلاح فقرار الجمعية العامة الذي ولد بعد لأيٍ شديد اختزل مأساة الشعب السوري في شخص الرئيس، واختزل حل هذه الأزمة في تسليم السلطة إلى نائبه، وكأن الجمعية العامة لا "تعي" ولا "تفهم" نداءات الشعب السوري اليومية المطالبة بـ"إسقاط النظام"، لا مجرد تغيير شخص الرئيس بل إنه من المؤسف أن يتجاهل القرار أي إشارة إلى مساندة الجيش السوري الحر، كما يغفل بالكامل حق الشعب السوري في "المقاومة المشروعة" لحماية أنفسهم من الهجمات الوحشية وغير المبررة التي يتعرضون لها يوميا وفي الوقت الذي تستمر فيه الاعتداءات على المدنيين السوريين من قبل النظام السوري، لا تزال وتيرة الانشقاق في الجيش السوري النظامي تزداد يومًا بعد يوم، لتتعدى مسألة كونها "ظاهرة" سياسية أو عسكرية، إلى كونها بديلا أمنيا للمدنيين، وخطرا سياسيا حقيقيا يهدد حياة النظام من هذا المنطلق، فإن المدنيين السوريين في حاجة ماسة إلى "حماية قانونية" لمن يحميهم من اعتداءات الجيش السوري النظامي، التي وثقتها المنظمات الحقوقية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان.