كان هذا أعلى ضجيج سمعه في حياته تونجما دانوي ورأى بعد ذلك بدقائق أغرب مشهد.. رجل ايراني تغطيه الدماء ويحمل عبوتين ناسفتين في حي هاديء ببانكوك وقال تونجما (68 عاما) ان الرجل الايراني "كان ينزف بشدة" وقبل دقائق رأى تونجما الرجل الذي عُرف فيما بعد باسم سعيد مرادي وهو يفر من منزل مستأجر نسفه انفجار هائل يوم الثلاثاء وقال تونجما "كان الناس يصرخون قائلين انه يحمل قنبلة" وبعد ذلك ببضع دقائق سمع دوي انفجار خر اذ تشير تقارير الى أن مرادي (28 عاما) ألقى قنبلة ثانية على سيارة أجرة رفض سائقها التوقف له. وانتهت هجماته على مقربة خارج مدرسة فنفذ انفجارا ثالثا فقد خلاله احدى ساقيه وأصيبت ساقه الاخرى اصابة استوجبت بترها.

وقالت اسرائيل ان تفجيرات بانكوك دليل على "محاولة هجوم ارهابي" وأنحت باللائمة على ايران. ونفت طهران ضلوعها في هذا ومع تواصل الهجمات فان محاولات الهجوم الثلاثة على أهداف اسرائيلية فيما يبدو والتي شملت ايضا هجوما على سيارة تقل زوجة دبلوماسي اسرائيلي في نيودلهي والعثور على قنبلة مثبتة في سيارة دبلوماسية اسرائيلية في تفليس عاصمة جورجيا بدت غير محكمة لكن خبراء أمنيين يعتقدون أنها بعثت برسالة واضحة تمثل من وجهة نظرهم أول رد انتقامي على حملة تخريب تشن بهدوء وتزداد عنفا ضد برنامج ايران النووي وقتل أربعة علماء نوويين ايرانيين على الاقل في الاعوام القليلة الماضية في هجمات يعتقد أنها من تدبير أجهزة مخابرات اسرائيلية او نفذت لحسابها.

وفي حين ترفض اسرائيل التعقيب دائما فان بعض المحللين الامنيين يشتبهون ايضا في ضلوعها في سلسلة تفجيرات كبيرة استهدفت منشات عسكرية ونووية في ايران مثل ذلك الذي وقع في نوفمبر تشرين الثاني وأسفر عن سقوط اكثر من 12 قتيلا بينهم ضابط ايراني كبير ونفت طهران ضلوعها في هجمات هذا الاسبوع بل واتهمت اسرائيل بتنفيذها. لكن تسري شكوك على نطاق واسع بأن النية الحقيقية ربما تكون تنبيه اسرائيل الى أن ايران مستعدة للثأر وبنفس الطريقة وقال جاد شمرون وهو ضابط ميداني سابق بالمخابرات الاسرائيلية (الموساد) تخصص في الكتابة عن شؤون المخابرات "أرى فيما حدث رسالة بهذا المعنى 'أستطيع أن أقوم بأي شيء تقومون به" وأضاف "بعبارة أخرى اذا استخدمت اسرائيل الارهاب لاغراض أمنية فعليها أن تتوقع عمليات انتقامية من الطرف الاخر."

وفي مناخ يتصاعد فيه التوتر والارتياب والخوف يظهر خطر التصعيد الذي تذكيه المخاوف بشأن برنامج ايران النووي وهجوم اسرائيل المحتمل على ايران وصراع أوسع نطاقا في الخليج لا تحمد عقباه وقال انتوني كوردزمان المسؤول الكبير بالمخابرات الامريكية ووزارة الدفاع سابقا والذي يرأس حاليا قسم الاستراتيجية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن "هناك ضغط اكثر واكثر على كل الاطراف... كلها تتفاعل الان بأساليب تجعل من الصعب ان يتوقع كل طرف تحركات الاخر."

وفي حين يقول بعض المسؤولين الغربيين ان من السابق لاوانه القاء اللوم على طهران في الهجمات التي وقعت هذا الاسبوع فان محللين أمنيين يشيرون الى أدلة ظرفية متزايدة. وقالت السلطات في تايلاند ان قنابل مغناطيسية متماثلة استخدمت في نيودلهي وتفليس وبانكوك ورغم ان السلطات التايلاندية لم تلق باللوم على ايران مباشرة فانها قالت ان الرجلين الاخرين اللذين تم القاء القبض عليهما فيما يتصل بتفجيرات بانكوك ايرانيان أحدهما اعتقل في العاصمة التايلاندية والاخر في مطار كوالالمبور بماليزيا حين كان يشتري تذكرة لطهران بعد فراره من تايلاند.

وكان هجوم نيودلهي الذي ثبت خلاله مهاجم على دراجة نارية قنبلة مغناطيسية في حجم الكمبيوتر اللوحي تقريبا في سيارة دبلوماسية اسرائيلية صورة طبق الاصل فيما يبدو من هجوم وقع في 11 يناير كانون الثاني واستهدف العالم الايراني مصطفى احمدي روشان وسط زحام طهران المروري وتقول الشرطة الهندية انها مازالت تقتفي أثر الشاب الذي كان يرتدي سترة جلدية ويقود دراجة نارية حمراء والذي قال شهود عيان انه ثبت القنبلة وانطلق مسرعا. وأضافت أنها تحقق في مكالمات هاتفية مع أرقام دولية من المنطقة التي شهدت الهجوم بعد تنفيذه مباشرة خاصة أربع مكالمات أجريت لايران ولبنان وباكستان.

وأصيبت زوجة الملحق العسكري الاسرائيلي في هجوم نيودلهي. وقالت الشرطة لو ان المهاجم ثبت العبوة الناسفة على جانب السيارة الذي يوجد به خزان الوقود لكانت احتمالات نجاة من بداخلها أقل كثيرا ويرى معظم المحللين أن هذه الهجمات علاوة على مخطط مزعوم العام الماضي لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة قالت السلطات الامريكية انها أحبطته تشير الى أن ايران تخوض مجازفات جديدة ويلمح البعض الى أن جماعات تقاتل بالوكالة عنها قد تكون هي المنفذة وقال نايجل انكستر نائب رئيس المخابرات البريطانية سابقا ويعمل حاليا بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "نرى الان أدلة على رغبة ايرانية في ملاحقة أهداف أجنبية بطريقة لم تكن ظاهرة بهذا الشكل من قبل."

وأضاف "سواء نتحدث عن الايرانيين أنفسهم او جماعات تقاتل لحسابهم مثل حزب الله فان معرفة هذا صعبة جدا" وهناك ايضا شبهات تحوم حول اسرائيل وانها تستعين بعدد من جماعات المقاومة المحلية المغمورة في ايران. وربما لا يدرك بعض أعضائها لحساب أي جهة يعملون وتشير عدة تقارير الى ان ضباطا اسرائيليين ربما انتحلوا صفة ضباط أمريكيين ليجندوا او يوجهوا أعضاء بجماعة مجاهدي خلق او جماعة جند الله التي يجري الربط بينها وبين تنظيم القاعدة في بعض الاحيان ومقرها في اقليم بلوخستان.

وقال انكستر "هناك بعض الادلة على حدوث هذا" وأضاف "ربما يكون هذا أحد الاشياء التي وترت العلاقات بين اسرائل والولايات المتحدة" وتنفي الولايات المتحدة ضلوعها في الهجمات التي وقعت في ايران بل انها نددت بحادث اغتيال العالم الايراني في يناير وهو حدث نادر وفي حين أن الحرب الصاعدة "في الظل" قد تشتد في الاشهر القادمة فلا يعتقد الجميع أنها ستزيد من خطر نشوب صراع أوسع نطاقا تحرص الولايات المتحدة واسرائيل على تفاديه وقال المسؤول الامريكي السابق كوردزمان "الكل معتاد على لعب المباريات الطويلة" مشيرا الى أن احتمال تفادي حرب مباشرة لايزال هو الارجح. وأضاف "لكن لايزال من الممكن أن يأتي شخص ما من حيث لا تدري الى ناصية أحد الشوارع ... ويفجر شيئا يغير مجرى التاريخ."