مسكينة هي هذه الدولة المجاورة المسماة الجزائر. فرغم اسمها ذي صيغة جمع الجموع، ورغم مساحتها التي تعد من أكبر المساحات الجغرافية على الصعيدين القاري والعربي بكثافة سكانية مريحة، ورغم إنتاجاتها الضخمة لمصدري الطاقة النفط والغاز... إلا أنها تبقى رغم غناها معدمة، تشكل النموذج السيئ للتدبير، والنموذج الأسوأ للشطط..

 

إنها "القدافية" الثانية في العالم، والوحيدة الباقية في الوجود.. شرطية عالم عدم الانحياز، وضامنة حق شعوب العالم في تقرير المصير من الصحراء إلى تيمور -ما عدا الشعب الجزائري طبعا- والوصية عليه..

 

إنها تمثل الذباب الذي يخطب عن النظافة وينذر الأوساخ بالعقاب، على حد قول مطر. إنها رهينة رعونة وهوج تلاميذ انقطعت بهم السبل بعدما أخذوا عن فرنسا والاتحاد السوفييتي، فلم تنفع الوصفة لوجود مواد غير متجانسة -بل متضادة-، ما أدى إلى ظهور أورام وبؤر سرطانية تشكل أغلبية غالبية جسم الدولة، يصعب جدا بترها في وقت واحد.

 

إنها تجسد نموذج "جحا" الذي ذهب يشتغل عند الغير ويشغل الغير عنده، مع أنها نفس الوظيفة. إنها المنطبق عليها قول القائل: "الناس غلبت الناس، وأنا غلبت عايشة اختي" إنها تماما مثل ذاك الزوج الفاشل الذي يخرج من المنزل صباحا قاصدا بائعي الخضروات في "باب النوادر"، يظل يعطي الخطط ويوجه لاعبي "الضامة"، وفي المساء ينقلبون إلى منازلهم كل منهم يحمل "عشاء أبنائه"، أما هو فينهمك في مراجعة الخطط التي فشل فيها المنهزمون!!

 

باختصار، إنها حالة استثنائية غريبة، مستعصية على الدراسة لذوي العقول السليمة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي رسم أحدهم في صحيفة جزائرية رسما كاريكاتوريا لبقرة ملونة بألوان العلم الجزائري، لها ضرع منتفخ لفرط ما فيه من لبن، غير أن حلماته وزعت بين منظمة التحرير والبوليساريو.. ويبقى الشعب -صاحب المنزل- ينتظر ما يمكن أن يفضل عن الضيوف!!

 

فعلا حمق غفل هؤلاء الساسة الجزائريون. يشتركون مع نظرائهم من عالمنا العربي في السلب والنهب والفساد والاستبداد، وانعدام الغيرة والضمير، وعدم الرغبة في الخلود في تاريخ هو أفقر ما يكون لتدوين أسماء خلقت الفرق بين الأمس واليوم في مجال السياسة أو التقانة أو الرفاهية... غير أنهم يتميزون عليهم بحشر أنوفهم في مؤخرات كل بؤر التوتر وكأنهم المسيح المخلص، أو وكأنهم خلصوا أنفسهم على الأقل!!

 

بلد كان من الممكن أن يكون قاطرة "طاقية" إقليمية للتنمية، يتكامل مع جيرانه فيما ينقصه وينقصهم، إقليم جيواستراتيجي مثالي.. لم يتركوا بلدهم يصبح لا كالكويت ولا كقطر ولا كجنوب إفريقيا ولا حتى كالهند!!

 

ماذا ربح الشعب الجزائري خاصة، وشعوب المنطقة عامة، من هذه الاختيارات الخرقاء التي لا يمكن أن تقنع إلا متخذيها -القدافيين- المتخفين وراءها من أجل الاستمرار في مص الدماء؟؟!!!