تزامنت ذكرى فاجعة كربلاء هذا العام مع ذكرى اكتمال ثلاثة أشهر على مذبحة رابعة في قلب القاهرة. وتوجد أوجه شبه بين هاتين الفاجعتين يحْسُن تأملها، كما توجد أوجه شبه بين الظروف السياسية التي وقعت فيها كل من الواقعتين ويدل هذا الشبه على أن عقدة الشرعية السياسية لم تزل متحكمة في فكر المسلمين وواقعهم منذ مذبحة كربلاء إلى مذبحة رابعة فليست مذبحة كربلاء التي لا تزال ذكراها طريَّة، ولا مذبحة رابعة التي لا تزال دماؤها طرية، سوى تعبير عن أزمة الشرعية السياسية في الحضارة الإسلامية، وهي أزمة ترجع جذورها إلى معضلة أخلاقية مزمنة هي الصراع بين الجلادين والشهداء، بين أهل الضمائر ومن لا ضمائر لهم.. في كل زمان ومكان.
إن لكل حضارة أزْمتها، وأزمة الحضارة الإسلامية أزمة دستورية في جوهرها، ترجع إلى الصراع بين مفهوم الشرعية السياسية القائمة على العدل والتراضي الطوعي، ومفهوم السلطة المتغلبة القائمة على الجبْر والقهْر