بعد طول انتظار تم الإعلان عن النسخة الثانية من حكومة السيد عبد الإله بنكيران، نسخة تضم تسعا و ثلاثين وزيرا بدل إحدى و ثلاثين في التشكيلة الحكومية الأولى، وكأن هم المغاربة الأول هو رفع عدد الحقائب الوزارية وإرضاء الطامحين في الاستوزار. هذه الحقيقة تترجم غياب المسؤولية السياسية و  الأخلاقية لدى الفاعلين السياسيين، خاصة و أن المغرب يمر بظرفية اقتصادية صعبة لا تحتمل منطق المجاملة وكسب الود وتطييب الخواطر.      

                                                                        

ففي الوقت الذي يدعو فيه السيد رئيس الحكومة إلى خفض الإنفاق الحكومي، من خلال التقليص من ميزانيات القطاعات الحكومية وتجميد الأجور وتقليص نسبة التوظيف وخفض الدعم الحكومي للأسعار المحروقات وبعض المواد الأساسية الأخرى بهدف التحكم في العجز وضمان استقرار المالية العمومية ، يفاجئنا  بتشكيلة حكومية موسعة ربما تعكس الرخاء الموعود في ظل هذه الحكومة '' السوبرمان''.       

 

غير أن تضخم عدد الحقائب الوزارية  ليس هو الداء الوحيد الذي ولدت به  هذه الحكومة ، بل المعضلة الكبرى تكمن في الهندسة الحكومية المثيرة للاستغراب و التي عملت على بلقنة العديد من القطاعات الحكومية وتفتيتها في غياب تام لأي رؤية استراتيجية شمولية تضمن النجاعة والفعالية في تدبير الشأن  العام وتربط المسؤولية بالمحاسبة ، واقع ستكون له انعكاسات وتداعيات خطيرة على أداء الفريق الحكومي ومنهجية تدبيره للمرحلة الراهنة.     

                                                             

    فالتقسيم العشوائي لعدد من القطاعات الحكومية يهدد بتداخل الصلاحيات وتضارب الاختصاصات والمسؤوليات بين مختلف الفاعلين الحكوميين، وضعية تضرب في العمق مبدأ الحكامة التي تستوجب وجود نظام واضح ومتكامل من المحاسبة و المساءلة السياسية و الإدارية  للمسؤولين، فضلا عن الإشكالات التقنية والفنية والإدارية الناجمة عن تفكيك بعض القطاعات ودمج البعض الآخر.   

          

ربما خوف السيد بنكيران من الحيتان والتماسيح والعفاريت جعله يفرط في تقديم التنازلات التي أثمرت    حكومة معاقة ذهنيا وجسديا، عاجزة عن محاربة الفساد والاستبداد فاللهم احفظنا جميعا من وسوسة العفاريت وجبروت الحيتان والتماسيح آمين .