اطلقت اسرائيل فجر أمس سراح 26 اسيرا فلسطينيا، قضوا بالسجن مددا تتراوح بين 20 و33 عاما، ضمن مجموعة من 104 اسرى تم الاتفاق على اطلاق سراحهم قبل استئناف مفاوضات السلام مع اسرائيل في 30 تموز (يوليو) الماضي اسرائيل اثارت ضجة كبيرة باطلاق هذه المجموعة ضمن عدة دفعات، وفي كل مرة يتم فيها اطلاق معتقلين فلسطينيين، تبدأ مسرحية احتجاجات امام وسائل الاعلام العالمية، لتبدو وكأنها تقدم تنازلا كبيرا، علما ان المستوطنين والقتلة الاسرائيليين الذين لطخت اياديهم بدماء الفلسطينيين يتمتعون بالحرية، وبعضهم بالاوسمة.


هذه المجموعة من الاسرى كان من المفترض اطلاق سراحهم مع بدء تطبيق اتفاقية اوسلو عام 1993، وعدم الانتظار كل هذه السنوات، وهو ما نرجو ان يتم التفاهم عليه في المفاوضات الجارية كأحد البنود الاساسية في اي اتفاق سلام، فما زال في السجون الاسرائيلية اكثر من 4660 اسيرا واسيرة، بينهم 31 اسيرا عربيا، والمئات منهم (1500) يعانون من الامراض، بينهم 12 شخصا حالاتهم خطيرة نتيجة ظروف الاعتقال وما يتعرضون له من تعذيب.


احد هؤلاء المرضى الاسير ثائر حلاحلة الذي وجه نداء استغاثة من خلال محاميه قال فيه ‘مطلبي حبة دواء، ولا اطالب بالافراج عني’، وحسب تقرير لنادي الاسير الفلسطيني فقد اصيب حلاحلة بفيروس التهاب الكبد الوبائي، نتيجة استخدام اطباء السجن لادوات ملوثة خلال تقديم علاج للاسنان، وهو يعاني من آلام المرض ومحروم من العلاج.


مسرحية الاحتجاجات الاسرائيلية تتخطى الاسرى الى جثامين الشهداء، حيث شهدت اسرائيل احتجاجات على قرار الافراج عن 36 من اصل 288 من جثامين شهداء نفذوا عمليات فدائية، وهي محتجزة منذ سنوات طويلة بمقابر سرية، عرفت بمقابر الارقام، واذا كانت الاحتجاجات على اطلاق الاسرى بحجة امكانية عودتهم للعمل العسكري، فلا نفهم ما هي حجة مواصلة اعتقال الجثامين.


في نفس اليوم الذي تم فيه اطلاق سراح الاسرى الـ 26، صادقت اسرائيل على بناء 1500 وحدة سكنية في المستوطنات، كما دفعت باجراءات التخطيط لالفي وحدة سكنية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، رغم ان وزير الخارجية الامريكي جون كيري كان وعد عشية استئناف المفاوضات، بالحد من الاستيطان لاقصى درجة، وهو ما لم يتم تنفيذه.


وحسب بيان صادر عن منظمة التحرير الفلسطينية، فان الموقف الاسرائيلي من المفاوضات الجارية اليوم هو الاسوأ منذ 20 عاما، ويبدو ان اسرئيل تستغل هذه المفاوضات لكسب الوقت والمماطلة لتوسيع الاستيطان، وفرض وقائع جديدة على الارض، تنسف هذه المفاوضات وتدمر اي امكانية لاقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.


فالى جانب الاستيطان الذي يدمر عملية السلام وسبق ان تسبب بوقف المفاوضات في ايلول (سبتمبر) 2010، تصعد اسرائيل اجراءات التهويد، خاصة لمدينة
القدس، كما يشهد حرم المسجد الاقصى اعتداءات يومية من اليهود المتشددين، مما يثير المخاوف من خطط اسرائيلية ترمي لفرض تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود كأمر واقع، في تكرار لسيناريو تقسيم الحرم الابراهيمي الشريف في مدينة الخليل عام 1994، بعد قيام يهودي متطرف بقتل 29 مصليا اثناء ادائهم صلاة الفجر.


قضايا الاستيطان والمعتقلين، وتهويد القدس والاعتداءات على الاقصى، كلها حقائق يشاهدها ويعيشها الفلسطينيون يوميا على الارض، فهل بعد ذلك من الممكن الوصول وخلال اشهر لاتفاق سلام مع هذه القيادة الاسرائيلية، يؤدي لعودة اللاجئين واقامة دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967، عاصمتها القدس، الى جانب دولة اسرائيل، والعيش في أمن واستقرار؟؟ ام اننا سنواصل العيش بالاوهام؟؟