أعدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء مسودة جديدة للتفويض الذي طلبه الرئيس باراك أوباما لتوجيه ضربة عسكرية محدودة لنظام الرئيس السوري   بشار الأسد  ، تتضمن خصوصا تحديد الاطار الزمني لهذه الضربة بـ60 يوما قابلة للتمديد 30 يوما أخرى والمسودة الجديدة ستحل محل مشروع القانون الذي أحاله الرئيس إلى الكونغرس السبت لمنحه تفويضا بشن عمل عسكري في سوريا، وهو مشروع اعتبر عدد من البرلمانيين صياغته فضفاضة وضبابية.

 

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية السناتور الديمقراطي روبرت مندينيز في بيان إن "لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ صاغت تفويضا باستخدام القوة العسكرية يعكس رغبة ومخاوف الديمقراطيين والجمهوريين" وتنص مسودة التفويض الذي توافق عليه أعضاء الحزبين في اللجنة على أنه "لا يسمح باستخدام القوات المسلحة الأميركية على الأرض في سوريا بهدف تنفيذ أعمال قتالية"، كما تنص على أن التدخل العسكري في سوريا يجب أن يكون "محدودا".

 

ويلزم مشروع القرار أوباما بالتشاور مع الكونغرس وأن يعرض على مجلس الشيوخ ولجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إستراتيجية للتفاوض بشأن تسوية سياسية للصراع في سوريا تتضمن مراجعة كل أشكال المساعدات المقدمة إلى قوات المعارضة التي تكافح للإطاحة بالأسد وكان هذا البند قد طلبه بعض أعضاء مجلس الشيوخ ومنهم الجمهوري البارز جون ماكين.

 

مد التفويض

وإذا أراد أوباما مد العمل بالتفويض فيجوز له طلب المد لفترة واحدة مدتها 30 يوما إذا شهد أمام الكونغرس في موعد لا يتجاوز خمسة أيام قبل انقضاء التفويض بأن المد ضروري وإذا لم يقر الكونغرس قرارا يقضي برفض المد وقال مننديز في بيانه "لقد اتبعنا معا مسار عمل يمنح الرئيس التفويض الذي يحتاجه لاستخدام القوة ردا على الاستخدام الإجرامي من جانب نظام الأسد لأسلحة كيميائية ضد الشعب السوري مع التأكيد على أن التفويض ضيق ومركز ومحدد في وقته والتأكيد على أن القوات المسلحة للولايات المتحدة لن تستخدم في عمليات قتالية في سوريا".

 

وإذا وافقت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ على مشروع القرار اليوم الأربعاء فإنه سيرسل إلى المجلس بكامل هيئته للتصويت عليه حينما يعود الأعضاء من عطلتهم الصيفية في التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري ويجب أيضا أن يقر مجلس النواب نسخته من التفويض العسكري ثم التوفيق بين النسختين قبل عرضهما على أوباما للتوقيع عليهما.

 

وترمي الصيغة الجديدة هذه إلى كسب تأييد أعضاء الكونغرس الذين ما زالوا مترددين في دعم هذه الضربة التي يعتزم أوباما توجيهها لنظام الرئيس السوري عقابا له على استخدامه الأسلحة الكيميائية في قصف غوطة دمشق الشهر الماضي.  

الكونغرس يدعم

وكان الكونغرس أبدى أمس الثلاثاء دعما حاسما لقرار الرئيس أوباما بتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، لمعاقبته على "تنفيذ" هجوم بالسلاح الكيميائي بريف دمشق في 21 أغسطس/آب، مما أدى لسقوط أكثر من ألف مدني بينهم مئات النساء والأطفال

وجاء هذا التطور بعد إعراب أوباما عن ثقته بالحصول على تفويض من الكونغرس، وعقب إدلاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشهادته أمام الكونغرس وكشفه استعداد عدة دول بالشرق الأوسط لاستخدام قواعدها في ضرب النظام السوري.

 

وقال كيري إن الضربة لن تكون محددة بلحظة زمنية بعينها وإن للقوات الأميركية خيار تكرارها في المستقبل في حال أقدم الأسد على تكرار حماقته، حسب تعبير كيري.

وكرر كيري عدم النية في إرسال قوات برية إلى سوريا، لكنه لم يستبعد ذلك إن خرجت مواقع الأسلحة الكيميائية عن السيطرة وقد أعلن كل من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بونر ونائبه أريك كانتور دعمهما لقرار أوباما، فيما أيدت زعيمة الأقلية الديمقراطية بالمجلس نانسي بيلوسي توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري.

نداء الرئيس


وأكد بونر أنه سيدعم "نداء الرئيس لصالح القيام بتحرك"، ردا على "استخدام الأسد للسلاح الكيميائي". وأضاف "على خصومنا في العالم أن يفهموا أننا لن نقبل بمثل هذا السلوك". وقال إن حلفاء أميركا في العالم والمنطقة بحاجة لأن يدركوا أنها حاضرة "عندما يستلزم الأمر"

ويستأنف الكونغرس بغرفتيه (الشيوخ والنواب) العمل الاثنين المقبل، على أن يتم التصويت في كلا المجلسين بعد ذلك بأيام.

 

وأثناء اجتماع مع أعضاء بارزين بالكونغرس في البيت الأبيض، دعا أوباما إلى تصويت برلماني عاجل، وأكد أن خطة الولايات المتحدة ستكون محدودة النطاق. وقال إن إدارته لن تكرر حروب أميركا الطويلة في العراق وأفغانستان وتأتي هذه التطورات بعد أن حذر السيناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام من أن رفض الكونغرس لضرب سوريا "سيكون كارثيا على مؤسسة الرئاسة ومصداقية الولايات المتحدة" ويلتقي أوباما في وقت لاحق رؤساء اللجان الأساسية في الكونغرس، لعرض مبررات التدخل العسكري في سوريا.

ضربة خاطفة


وفي سياق شرح أبعاد الضربة الأميركية، قال الجنرال جاك دين النائب السابق لرئيس أركان الجيش إن أوباما أكد لأعضاء الكونغرس أنه يخطط لضربة خاطفة تلحق ضررا جسيما بقوات الأسد "ولكن دون إسقاط النظام"

وعلى صعيد التجاوب الإقليمي مع الضربة الأميركية، كشف وزير الخارجية جون كيري أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا عرضت على واشنطن استخدام قواعدها العسكرية في أي عمل محتمل ضد سوريا.

 

وقد أدلى كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل بشهادتيهما أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ وقال كيري إن القيام بعمل عسكري ضد سوريا ضروري لـ"حماية القيم والأمن القومي" للولايات المتحدة، وإلا فإن أميركا ستكون "شاهدا على مذبحة". واعتبر أن عدم تحرك واشنطن في سوريا سيوجه رسالة سيئة إلى إيران.