انفجار الضاحية، وبعده  انفجاران في طرابلس، وقبلهما سلسلة مؤلمة عايشها ويعايشها اللبناني ضمن يومياته المضنية نفسيًا، وبعيدًا عن الاستنكارات والكلام الذي لا يجدي نفعًا، حالات انسانية من فقدان اب او اخ او ام، تلاحق اللبنانيين وتذكرهم بكابوس سنوات الحرب، وبعيدًا عن اعتبار لبنان "معرقن" او "مثورن"، او اي صفة اخرى، يبقى المواطن يدفع كل يوم وكل لحظة من اعصابه وحياته، وانهيار نفسيته.

 

الجميع اليوم يتألم ويتضامن مع الضحايا، ماذا عن أهاليهم، كيف يمكن اعادة بناء نفسية من شعر انه مستهدف وسيبقى مستهدفًا، كيف يمكن استعادة الحياة الطبيعية لكل الذين فقدوا عزيزًا، اولئك الذين يعتبرونهم سياسيونهم  مجرد أرقام  انتخابية، لا دور لهم في رفع الصوت عاليًا ب "كفى" موتًا، كفى قهرًا وكفى تعذيبًا.

 

عن الحالات النفسية لكل اولئك الذين فجعوا باستشهاد قريب لهم يقول النائب الدكتور عاطف مجدلاني ( اختصاصي علم اعصاب ورئيس لجنة الصحة في المجلس النيابي) ان الكوارث والآلام ممكن ان يكون لها تأثيران، الاول على الجماعة ويمكن ان يكون ايجابيًا من خلال تعاضد الجماعة، اما على المستوى الفردي فان النتائج قد تمر بمرحلتين الاولى هي مرحلة الغضب والالم والصدمة وهي تكون لايام عدة، اما المرحلة الثانية التي يمكن ان تحصل هي حدوث كآبة عند الشخص نتيجة فقدان عزيز، لذلك هناك ضرورة لمعالجة نفسية للمجموعة وللفرد خصوصًا، من بداية الكارثة، وهذه المعاينة النفسية في المرحلة الاولى مهمة لمعرفة الاشخاص الذين ممكن ان يصبح لديهم حالة كآبة، ومن اجل التفادي للوصول الى هذه الحالة بعدها.

 

ولدى سؤاله في حال اهالي الضحايا اصبح لديهم كآبة كيف يمكن معالجتها؟ يقول المعالجة يجب ان تكون باتجاهين الاول نفسي تعاضدي وتفهم واستماع لهم، لانه المهم الاستماع الى آلامهم ومعاناتهم، ومن جهة اخرى تتم المعالجة من خلال الادوية المختصة لحالات الكآبة وردًا على سؤال لبنان خرج من حرب اهلية لسنوات ويتعرض اليوم لفاجعة اذا جاز التعبير تحصد كل يوم منطقة،  كيف يمكن تحصين اهله نفسيًا من اجل تحمل كل الامور التي مرت عليهم، يجيب:" تحصين الجماعات يكون من خلال التجارب التي تمر بها وهذا ما حصل في لبنان، لذلك ما نراه في المرحلة الاولى لدى الافراد اي حالة الغضب والالم، وعند الجماعة التعاضد واللحمة، هذا ما نراه مع اهالي الضحايا اليوم ، ويتابع:"الكآبة تظهر بعد فقدان انسان عزيز، وعوارضها قلة الاكل وعدم النوم وعدم الاهتمام بالاخرين والانزواء.

 

اختصاصي نفسي

 

يعتبر اختصاصي الامراض النفسية الدكتور امين ملاط ان الكوارث تؤثر على نفسية كل شخص على حدا، حسب استعداد كل شخص لتقبل وتكوين مرض نفسي، اما اهالي الضحايا وكيفية معالجتهم نفسيًا فيجب ان يعرف كل شخص ان هناك اختصاصي لكل مرض، والكلام عن الكارثة بالنسبة لاهالي الضحايا، ام الاشخاص الذين شاهدوا المجزرة يمكن ان يسبب صدمة لهم، والكلام لا يساعد دائمًا، يجب ان يهدأ الاشخاص، ويجب انتظار العوارض الاولى للصدمة النفسية التي تبدأ بعدم تقبل الكارثة ورفضها، والقيام ببعض النوبات العصبية الحادة، والم نفسي قوي قد يدفع بالاشخاص الى البكاء، وقد تبقى هذه العوارض من مدة اسبوع الى شهر، والاصعب يكون بتقبل الكارثة، ويتم ذلك تدريجيًا ويجب الاتصال بالاشخاص المختصين ليرى الى اي مدى تضرر من جراء هذه الكارثة، واذا استمرت بعد شهر تصبح حالة عصبية حادة جدًا وقد تصبح مزمنة وقد يحتاج الشخص عندها الى تناول ادوية مع اختصاصي نفسي يعالجها بطرق معينة، يتكلم خلالها المتألم عن الحياة وعن الله وعن المستقبل.