يحيي ما يجري في مصر من تطورات سياسية الربيع العربي ويمنحه امتدادا جديدا، ومعه تتناسل أسئلة شتى منها تلك التي تخوض في مدى تأثر الأحزاب الإسلامية التي وصلت الى الحكم بما يجري في مصر. ومن هذه الدول المغرب حيث تتوجه الأنظار الى حكومة عبد الإله ابن كيران وحزب العدالة والتنمية، وتختلف التقديرات وإن كانت تصب في الاعتراف بوجود تاثير وإن كان نسبيا ولم يكن أحد ينتظر تطورات الربيع العربي في مصر، وكان الاعتقاد أن الضغط سيزداد على الدول التي لم تشهد تعديلات جذرية بعد مثل الجزائر ، أو قد تمس الأنظمة الملكية مثل العربية السعودية. ويبدو أن الربيع العربي، لا يفتأ يفاجئ الرأي العام العربي والدولي، إذ لا أحد كان ينتظر أن تشهد مصر تطورات سريعة بعد سنة واحدة من تولي الإخوان المسلمين الرئاسة والحكومة.

 

ومع هذه التطورات، تكبر التساؤلات خاصة في الدول التي تشهد حكم حركات إسلامية مثل تونس التي تتولى فيها النهضة تسيير الحكومة، وفي المغرب حيث يتزعم حزب العدالة والتنمية الائتلاف الحكومي وفي تونس، يبرز رئيس الحكومة علي العريضي أن تونس تتميز بالتوافق ولن تشهد تكرار التجربة المصرية. في الوقت ذاته، يؤكد مسؤول حزبي معارض، منجي الرحوي أن تونس تشهد ظروفا مشابهة لمصر وقد تنفجر الأوضاع.

 

ويهيمن صمت حزبي ورسمي في المغرب حول تأثيرات مصر على المغرب. ولم يصدر عن حزب العدالة والتنمية اي موقف رسمي سوى كتابات في جريدة التجديد بعضها يعتبر ما يجري بالمناورة ويستبعد انتقاله الى المغرب، معتمدا خطاب التميز المغربيأو الخصوصية المغربيةالتي ترددها المؤسسة المخزنية تاريخيا ومن خلال متابعة الكتابات في شبكات التواصل وأساسا الفايسبوك، يتبين لألف بوست حربا طاحنة تجري رحاها بين المحافظين المنتمين الى تيارات إسلامية وبين يساريين ومستقلين لا لون سياسي يميزهم. وتحمس الإسلاميون في البدء، وبدأوا يعتبرون ما يجري بمثابة مؤامرة تستهدف الإسلام، ولم يتردد أحد زعماء الحركة السلفية في مطالبة الرئيس محمد مرسي بالحزم والضرب بيد من حديد للمعارضة.

 

وفي المقابل، بدأ اليساريون والليبراليون في نشر كل ما يتعلق بمصر في جدرانهم في الفايسبوك وخاصة الانتقادات وأشرطة الفيديو التي تبرز ضخامة التظاهرات المضادة للرئيس محمد مرسي. ويحاول هذا الطرف تأكيد أطروحته التاريخية أن الإسلاميين لا مشروع مجتمعي لديهم سوى الشعارات التي توظف الدين ويذهب الرأي العام الرقمي في المغرب الى اعتبار أن ما يجري في مصر يحمل انعكاسات سلبية على حزب العدالة والتنمية، ويحاول رصد القواسم المشتركة بين رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران والرئيس المصري محمد مرسي وأبرزها:

 

تغليب ابن كيران مثل مرسي لخطاب يقوم على الشعبوية مثل حديثه عن التماسيح والعفاريت والفساد دون أن يقدم على مبادرة جريئة لمحاربة الفاسدين تغليب الإجراءات الليرالية التي تقترب من الليبرالية المتوحشةفي الاقتصاد والتي تمس الشرائح الاجتماعية الفقيرة دون الاقتراب من مزايا الطبقات الغنية استعمال خطاب ديني واعتبار كل معارضة هي معارضة تستهدف الإسلام والحركات الإسلامية غياب ملحوظ للأطر الكفأة وحلول ناجعة في معالجة القضايا الحساسة والشائكة للمجتمع والرهان على الانتظارية.

 

في الوقت ذاته، هناك خاصية تميز الربيع العربي-الأمازيغي في المغرب ويمكن اعتبارها نسبيا بمثابة واقي يستفيد منه حزب العدالة والتنمية. ويتجلى هذا الواقي في أن حركة 20 فبراير التي فجرت الربيع العربي-الأمازيغي في المغرب ترى في حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة ابن كيران مجرد كومبارس يقوم بدور ثانوي تم رسمه له ولا يمتلك القرار مثل الرئيس المصري مرسي، بينما توجه 20 فبراير خطابها الى المؤسسة المخزنية لكنه رغم هذا التصور السائد، فالرأي العام المغربي سيصبح أكثر صرامة مع حزب العدالة والتنمية الي يجد نفسه مجبرا على تأمل الدرس المصري.