أكد رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، علي بن صميخ المري، اليوم السبت بالرباط، أن تجربة المملكة المغربية في مجال العدالة الانتقالية "تجربة ناجحة" في العالم العربي وأبرز مري، في كلمة تليت بالنيابة عنه خلال افتتاح الاجتماع السنوي التاسع للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان، أن تجربة المملكة "تقتضي التوقف عندها للتعمق والفهم، ولإيجاد طرق تمكن من تكرارها في مجتمعات عربية أخرى ذات خصوصيات مختلفة".

 

واعتبر المري أن مفهوم العدالة الانتقالية مفهوم جديد يدخل في إطار ثقافة حقوق الإنسان لم يتم التعامل معه بشكل إيجابي إلا في عدد محدود من الدول، مبرزا أن هذا المفهوم يجد تعبيراته في خلق مناخات وشروط المصالحة الوطنية الشاملة والتي تعني أهمية معالجة كل تراكمات ومشكلات وآثار حقب مضت حتى يمكن بعدها بدء البناء المستقبلي على أرضية جديدة كما اعتبر أن العدالة الانتقالية "لا تأتي بقرار سياسي، وإنما هي معادلة وممارسة يتم الاتفاق عليها بين مختلف الأطراف والقوى الموجودة في بلد ما من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من آليات العدالة".

 

وأشار، من ناحية أخرى، إلى أن "نجاح المؤسسات الوطنية العربية (لحقوق الإنسان) في تأسيس شبكة يعتبر خطوة جدية وعملية نحو بلورة عمل حقوقي مشترك يلتزم بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وقفا للقيم الكونية" من جانبه، أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، أن الشبكة العربية حرصت على تخصيص اليوم الأول من هذا الاجتماع لموضوع العدالة الانتقالية "نظرا لأنه موضوع فرض نفسه، خلال السنوات الأخيرة، بدرجات متفاوتة في السياقات الوطنية لبعض البلدان العربية".

 

وأضاف أن الهدف يتجلى أيضا في السعي إلى تبادل التجارب القائمة والناشئة أو التي في طور البناء، في ضوء التحولات التي عرفتها المنطقة وتأثيرات ذلك راهنا ومستقبلا على أوضاع حقوق الإنسان، وعلى متطلبات البناء الديمقراطي وضماناتها من جانبه، أكد المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، محجوب الهيبة، أن نجاح المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان رهين بتحقيق ثمانية شروط أساسية، تتمثل في تمكين هذه المؤسسات من ولاية واسعة وقوية، ومدها بآليات للانتصاف، والحرص على استقلاليتها، وطابعها التعددي.

 

كما تتجلى هذه الشروط، يضيف الهيبة، في تعزيز المهنية بالنسبة لأعضاء وطواقم هذه المؤسسات، ومدها بالموارد البشرية والمالية اللازمة للنهوض بمهامها، وتشبيك هذه المؤسسات (انخراطها في شبكات إقليمية أو دولية معنية بحقوق الإنسان)، وأخيرا الاشتغال في محيط ملائم يتوفر داخله الوعي بأهمية دورها في مجال النهوض بحقوق الإنسان.

 

وحضر الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله، إضافة إلى خبراء ومختصين في مجال حقوق الإنسان وعدد من السفراء المعتمدين بالمملكة ورجال الإعلام. ويخصص الاجتماع السنوي التاسع للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان، الذي يحتضن أشغاله المجلس الوطني لحقوق الإنسان على مدى يومين، لمناقشة تجارب العدالة الانتقالية بالمنطقة العربية وللاعتماد النهائي للنظام الأساسي والنظام الداخلي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

 

وتشارك في أشغال الاجتماع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بكل من قطر، وموريتانيا، ومصر، والعراق، والسودان، والبحرين، وفلسطين، والأردن، وليبيا، وعمان، وتونس، والجزائر والسعودية، فضلا عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التي تحضر كضيف شرف ويخصص المحور الأول من أشغال اللقاء لموضوع العدالة الانتقالية من خلال استعراض التجربة المغربية والتجارب الناشئة في العالم العربي، علاوة على تناول تأثيرات الربيع العربي على أوضاع حقوق الإنسان والعلاقة بين الجهات الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

 

أما المحور الثاني من هذا اللقاء، فسينصب على القضايا التنظيمية للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حيث سيتم تقديم تقرير عن أعمال الشبكة ودراسة مقترحات التعديلات المدخلة على قانونها الأساسي ونظامها الداخلي قبل اعتمادهما، و تجديد هياكل الشبكة وسيتم على هامش اللقاء إبرام اتفاقيات تعاون بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكل من المركز الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة الأردنية الهاشمية، والمجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان بليبيا، والمجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر يذكر أن إنشاء شبكة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العالم العربي تقرر خلال الدورة السابعة للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان، المنعقدة في نواكشوط يومي 27 و28 أبريل 2011.