شكك اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الأمني والعسكري، في الوثيقة التي نشرها موقع "ويكيليكس"، والخاصة بطلب الرئيس المصري السابق حسني مبارك من الرئيس السوداني عمر البشير بإنشاء قاعدة عسكرية في الخرطوم تستخدمها قوات الكوماندوز المصرية في حال أصرت إثيوبيا في المضي قدماً في إنشاء سد النهضة، مؤكدًا استحالة ذلك فنياً وعسكرياً وبحسب ما ورد في صحيفة "اليوم السابع" فقد كشفت إحدى البرقيات التي نشرها موقع "ويكيليكس" ضمن مراسلات بين شركة "ستراتفور" التي يقع مقرها بتكساس، أن دبلوماسياً مصرياً رفيع المستوى وصاحب مجلة عربية شهيرة، قال إن مبارك طلب من الرئيس السوداني إقامة قاعدة عسكرية صغيرة جنوبي الخرطوم، ليتمكن من مهاجمة أي منشآت مائية تعتزم إثيوبيا إنشاؤها على النيل الأزرق، لافتاً إلى أن الرئيس السوداني وافق على هذا الطلب.

 

وتفيد الرسالة التي يرجع تاريخها إلى 26 مايو/أيار 2010 بأن مصر طلبت من السودان إنشاء قاعدة عسكرية للكوماندوز في السودان لمواجهة أسوأ السيناريوهات في حال إصرار إثيوبيا على بناء منشآت على نهر النيل، وأن الرئيس البشير وافق على بناء قاعدة جوية صغيرة في مدينة "كوستي" التي تقع جنوب الخرطوم لاستضافة قوات "الكوماندوز المصرية" التي ربما يتم إرسالها إلى إثيوبيا لتدمير أي منشآت مائية يتم إنشاؤها على النيل الأزرق.

 

الاحتمالات الممكنة لمواجهة "سد النهضة"

 

وفي إطار الجدل الذي تزايد مؤخرا عن الاحتمالات الممكنة لمواجهة "سد النهضة" الذي تعكف الحكومة الإثيوبية على بنائه، ألمح بعض الخبراء إلى أن مصر يمكن أن توجه ضربة عسكرية خاطفة إلى السد، فيما أكد بعض الخبراء العسكريين صعوبة شن هجوم على إثيوبيا من الناحية العسكرية، لكن موقع "ويكليكس" نشر مجموعة من الرسائل خلال العام الماضي حول علاقة مصر بالسودان ونسبت إحدى الرسائل إلى مصدر مسؤول رفيع المستوى ذو صلة دائمة بالرئيس السابق مبارك والراحل عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات في ذلك الوقت.

 

هذا وقال اليزل خلال مداخلة تلفزيونية على إحدى القنوات الفضائية الخاصة إنه إذا صحت هذه الوثيقة فإن مدى الصواريخ التي كانت ستستهدف السد الأثيوبي لابد من إطلاقه من جنوب السودان وليس الخرطوم، وكانت هناك اضطرابات كثيرة في هذه المنطقة مما يصعب عملياً إطلاق الصواريخ وأوضح اليزل أن الخروج من هذا المأزق يتطلب ممارسة الضغوط الدولية والإفريقية والعربية والاقتصادية على إثيوبيا، حتى تستجيب لهذه النداءات، لافتاً أن هناك استثمارات عربية كبيرة هناك من المؤكد في حالة حسن استخدام هذه الورقة، سوف تؤثر كثيراً على موقفنا تجاه هذه الأزمة، مطالباً باللجوء إلى هذه الأوراق الضاغطة اليوم قبل الغد.

 

تشكيل رأي عام مضاد لموقف مصر

 

في نفس السياق، قال حامد جبر، القيادي بحزب "الكرامة" و"التيار الشعبي" المصري، إنه إذا صح الخبر الذي نشره موقع ويكيليكس فلابد من التعامل مع الخبر بتحفظ شديد تلافياً للأخطار السلبية التي نتجت عن اجتماع الرئاسة مع الأحزاب يوم الاثنين، موضحاً أن تلك الأمور ستؤدي في النهاية إلى تشكيل رأي عام مضاد لموقف مصر من دول حوض النيل وأضاف جبر، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "اليوم السابع"، أن كل ما نريده تقديم رؤية تكاملية اقتصادية تساعد في حل مشكلة "سد النهضة"، وعدم التحدث عن تدخل عسكري على الإطلاق، قائلاً: "فلندع الأمور التي يختص بها العسكريون والأجهزة التابعة لهم بالعمل بعيداً عن الأضواء والثرثرة والرأي المعلن، ويجب أن نقول إننا ضد التدخل في شؤون الدول الأخرى، وعدم تهديدها بإثارة النزعات الطائفية والعرقية".

 

"وضع الزيت على النار"

 

أما الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، عضو مجلس أمناء "التيار الشعبي" المصري، فقال إن نشر وثائق مثل ويكيليكس في هذا التوقيت خطير للغاية، ويشعل الموقف أكثر مما عليه الآن، ومشبهاً الوضع بأنه "وضع الزيت على النار" وأضاف زهران أن نشر ذلك في هذا الوقت يظهر الرئيس السابق حسني مبارك وكأنه بطل، موضحاً أن مبارك والقذافي كان لهما دور كبير في انفصال جنوب السودان وإقناع عمر البشير بالاستفتاء وأكد عضو مجلس أمناء "التيار الشعبي"، أن وثائق ويكيليكس لو كانت صحيحة يكون انفصال جنوب السودان هو ثمن القواعد العسكرية المصرية جنوب الخرطوم.