قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية  أحمد التوفيق٬ اليوم السبت بالحاجب٬ إن السيرة النبوية للرسول صلى الله عليه وسلم تعتبر منبعا أساسيا للأخلاق والقيم وأوضح  التوفيق٬ خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى الرابع للسيرة النبوية الذي نظمه المجلس العلمي المحلي للحاجب حول موضوع " السيرة النبوية والمسألة التربوية: ترشيد التلقي وتسديد الاستمداد"٬ أن الحديث عن السيرة النبوية أو التفكير فيها يعني التفكير بطريقة مباشرة في القيم والأخلاق٬ مشيرا إلى أن سيرة الرسول (ص) "علمتنا اليسر والتيسير والفسحة والحرية" وأن الرسول أعطى لمفهوم الحرية معناها الحقيقي فهو جاء٬ يضيف  التوفيق٬ ب"التوحيد والتزكية والتعليم والحكمة".

 

وفي معرض استعراضه لجوانب من السيرة النبوية أشار  توفيق إلى أنه يمكن الحديث عن هذه السيرة من ثلاث منظومات من الأخلاق وهي الاعتدال والكمال والجمال والتي تشكل الجوانب الانسانية لشخصية الانسان الفرد والإنسان الجماعة فبالنسبة لمنظومة قيم الاعتدال٬ أبرز  التوفيق أن الرسول ٬ الذي كان مثالا في الاعتدال ٬ أتى للبشرية بقيم الاعتدال في كل شئ لاسيما في الطعام والشرب ٬ مشيرا إلى أن الطب النبوي ٬ على سبيل المثال ٬ لم يأتي فيه الرسول بوصفات طبية وإنما أتي فيه بمنهاج وإرشاد وهداية تدور كلها حول الاعتدال ٬ موضحا أن كل ما نسب إليه من وصفات طبية في هذا المجال هو من وحي الثقافة الشعبية في وقتنا .

 

أما عن منظومة قيم الكمال٬ فأشار الوزير إلى أن الرسول عاش كمال الايمان ٬ مضيفا أن الانسان مدعو إلى أن يطلب الكمال والإحسان وأن يسعى اليهما ٬ أما منظومة قيم الجمال فتتمثل ٬ حسب  التوفيق٬ في طيب الروح و الاخلاق والمعاملة والمعشر  وتوقف الوزير٬ من جهة أخرى٬ عند نماذج من حياة الرسول (ص) الذي كان مجاهدا ومقاتلا في سبيل الحق واضطر الى أن يدافع عن الرسالة التي أمره الله بتبليغها .

 

من جهته٬ أكد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى  محمد يسف أن السيرة النبوية كانت دائما موضوعا يستهوي الأقلام والعقول القادرة على التعبير والغوص في أسرارها ليستخرجوا منها ما يقدمه جديدا للأمة الاسلامية في مسيرتها الطويلة وأشار إلى أن أهل المغرب قدموا في مجال السيرة النبوية عطاء جليلا وكذا في في جميع العلوم الشرعية بمقاصدها٬ فقد كان لعطائهم تميز وقيمة كبرى بفضل عبقريتهم٬ مضيفا أن المغاربة قدموا في هذا المجال عملا اتسم بالابتكار والتجديد والإبداع فهم لم يقلدوا المشرق في معالجتهم للموضوع وإنما كانوا دائما يبحثون عن الجديد الذي أغفله الآخرون .

 

و أبرز  يسف أن ما تراكم من كتب ومؤلفات حول السيرة النبوية يحتاج اليوم الى نظرة جديدة والعمل على تفعيل هذه السيرة لتصبح سيرة عملية حية متحركة في حياتنا وسلوكنا ومجتمعنا كما كانت حية ومتحركة في حياة الصحابة٬ داعيا إلى ضرورة إعادة قراءة السيرة النبوية وتفعيلها في سلوكنا من جانبه٬ اعتبر عامل إقليم الحاجب  عبداللطيف باشيخ٬ أن هذا الملتقى سيمكن من صياغة الأجوبة الضرورية عن التساؤلات التربوية المطروحة بإلحاح على مجتمعنا الذي يعرف تحولا متسارعا في أفق التأسيس المشترك لنموذج تربوي مغربي متسامح يمتح من السيرة النبوية العطرة ومنفتح على القيم الكونية التي راكمتها البشرية.

 

أما رئيس المجلس العلمي المحلي للحاجب  عبد الإله التاج٬ فأكد من جهته٬ أن هذا اللقاء العلمي هو فرصة لمناقشة منهج التربية في السيرة النبوية ٬ مشيرا إلى أن موضوع التربية أصبح من المواضيع المهمة في عالمنا المعاصر باعتبارها إعداد وتأهيل للإنسان من أجل القيام بدوره والاندماج مع الجماعة الإنسانية وناقش المشاركون في هذا اللقاء العلمي٬ الذي نظم تحت شعار "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة"٬ مواضيع تمحورت٬ على الخصوص٬ حول " المنهج التربوي في السيرة النبوية: الطبيعة٬المرتكزات والخصائص"٬ و" القيم التربوية في السيرة النبوية وفقه التنزيل: القصدية والآليات".