منذ 19 يوما، تاريخ انتقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى مستشفى"فال دوغراس" بباريس، لم يتوصل الشعب الجزائري  بأي دليل مادي على حقيقة وضع الرئيس غير تقارير تقطرها السلطة الرسمية بشح ولا تشفي غليل الرأي العام المحلي للإطمئنان على مستقبل البلاد. بينما كان يجدر ان تظهر  ولو صورة لبوتفليقة مع اي مسؤول حكومي جزائري خلال فترة إقامة الرئيس بالمستشفى على غرار ما جرى مع رئيس فنزويلا هوغو تشافيز.

 احزاب تطالب بالملف  الصحي للرئيس وتحذر من توظيف الغياب للهروب من تعديل  الدستور وفرض مرشحين للرئاسيات

 

وبات الشعب الجزائري على مدى ثلاث أسابيع وبالضبط منذ  19 يوما، أي منذ 27 أبريل الماضي، تاريخ نقل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى المشفى الباريزي "فال دوغراس" لتلقي العلاج من "جلطة دماغية"، لا يعرف حقيقة الوضع الصحي لرئيسهم، وينتابهم يوما بعد يوم قلق متعاظم على مستقبل البلاد.  فيما  التدافع السياسي على أشده  في صفوف الطبقة السياسية، وبعضها يترقب بقلق استمرار الغموض حول صحة الرئيس واتنابها ريبة من توظيفه بغرض الترتيب المحكم  للانتخابات الرئاسية المقبلة  تضمن فوز موالين للنظام الحاكم  وللمؤسسة العسكرية، وتفادي أي مفاجاة، بالإضافة إلى تفويت "مطلب تعديل الدستور الذي كان أمر  بوتفليقة بالإعداد له.

 

وفي هذا السياق حذر عبد الله جاب الله رئيس العدالة والتنمية الجزائري، في حوار له إلى صحيفة الشروق الجزائرية، من اي تدخل في انتخاب الرئيس المقبل في حالة غياب بوتفليقة، وهدد من الانسحاب من سباق رئاسيات الجزائر 2014 في حال بروز مؤشرات تدل على خيار مرشح السلطة".  ودعا جاب الله المتصرفين بأمر السلطة في الجزائر إلى عدم استغلال طول مرض الرئيس الذي وصفه بكونه "انتهى وأضحى من الماضي" بغرض" الهروب من مسألة تعديل الدستور أو  تاجيل تطبيق المادة 88 من الدستور المؤطرة لحالة استحالة مواصلة الرئيس لمسؤولياته"، حيث طالب في هذا السياق الحكومة بتكليف وزير الخارجية بطلب الملف الصحي للرئيس.

 

 توظيف الغموض لاستدراج اكبر تعاطف ممكن مع بوتفليقة

 

 من جهة اخرى ذهبت صحيفة الخبر إلى أبعد من ذلك حينما اتهمت السلطة الرسمية في الجزائر بتوظيف الغموض حول مرض الرئيس. واتهمت ذات السلطة بالتحكم في اهتمام الرأي العام الجزائري بحالة رئيسهم من خلال ما أسمته " بالهالة الإعلامية الرسمية ". وتكتب الخبر في هذا السياق:  لقد ولد هذا الوضع " أسئلة عرفت منحى تصاعديا في تخمينات المواطنين، ارتقت إلى التساؤل حول مستقبل البلاد في ظل غموض كبير".  وتضيف مستدركة ان " هذا الغموض حول مستقبل البلاد في الجزائر، ليس وليد الإعلان عن مرض الرئيس، بل لقد عشش في مخيلة الناس قبل ذلك بكثير. وبمرض بوتفليقة صار ممكنا لدى عامة الجزائريين التساؤل إزاء خليفة الرئيس". وتشدد الخبر على ان ثمة ضبابية حول مصير الرئيس الصحي، وهي ضبابية  صار في ضوئها "إصلاح او تعديل الدستور هو الآخر في حكم الغيب" ، كما رات الصحيفة الجزائرية ان بث الغموض حول صحة الرئيس  كان بغرض استدراج  اكبر تعاطف ممكن معه وهو ما حصل بنظر الخبر .

 

السلطة في الجزائر لم تقتف طريق فنزويلا في تقديم دليل مادي على الوضع الصحي للرئيس

 

وبروتوكوليا، عندما يمرض الرؤساء يقومون بالكشف عن ملفهم الطي أو إعطاء علامات على صحتهم من خللا استقبال مسؤولين في حكومتهم أو استقبال مسؤولين في البلد المضيف الذي يعالجون فيه. ومرت قرابة ثلاثة أسابيع، ومع ذلك كله لم يستطع الجزائريون أن يتوصلوا باي دليل مادي على صحة رئيسهم، على غرار ما يتم في حالات مشابهة، وتبقى أقرب الحالات هي حالة الرئيس هوغو تشافيز الذي كان يطمئن الشعب الفنزويلي من طريقين، إما عبر صور حقيقية  تظهر  الرئيس في حالته الحقة ، وبثت صور له مع ابنتيه في المشتسفى الكوبي الذي كان يتلقى منه العلاج، او من خلال اتصال مستمر بين الرئيس ونائبه الذي كان يزوره باستمرار. ولم يحصل مثل هذا الامر في حالة الرئيس بوتفليقة ليزداد الغموض حول صحته، وتتراكم بموجب ذلك  الشكوك حول المستفيد السياسي الاول من هذا الغموض والتعتيم، كما عبرت عن  ذلك أحزاب جزائرية معارضة.