تصارع مصر من أجل عدم الإفلاس الاقتصادي وانهيار الاستثمارات المتوقع، بعدما بدأت تجارة السلاح المنتشرة تنعكس سلبًا على الاقتصاد، إذ بدأ المواطنون يتجهون إلى الحماية الذاتية في غياب الأمن، وكذلك إلى تعاطي المخدرات مع تفاقم البطالة والغلاء مازالت مصر تعيش على وقع محاولات التعافي من تبعات ثورة 25 كانون الثاني/ يناير عام 2011، خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهو ما تبذل في سبيله الحكومة الحالية الكثير من الجهود على أمل تجاوز تلك المرحلة الانتقالية.

مع هذا، يبدو الواقع قاتماً ومخيّباً للآمال، وهو ما رصدته مجلة بيزنس ويك الأميركية، في تقرير، تناولت فيه حقيقة الأوضاع الصعبة، التي تمر بها البلاد، مؤكدةً أن الاستثمارات تنهار هناك بالفعل، في الوقت الذي بدأ يلجأ فيه المواطنون إلى حماية أنفسهم بأنفسهم، خاصة في ظل شعورهم بعدم وجود دور حقيقي للحكومة أو لوزارة الداخلية في ما يشهده الشارع من انفلات واضح على كل الأصعدة والمستويات.

تحدثت المجلة في هذا الإطار عن بدء رواج تجارة السلاح، ونقلت عن أحد العاملين في هذا المجال، ويدعى حسين، 54 عاماً من القاهرة، قوله إنه يبيع المسدسات، التي يشارك في تصنيعها، إلى شخص وسيط، لأن وضع الثقة بشخص غير جدير فيها سيقوده في النهاية إلى الحبس. وأضاف أنه يكسب ما يصل إلى 3000 جنيه من وراء بيع كل مسدس، أي حوالي 20 % من تكلفة المسدس المرخص قانوناً.

غابة الخوف
تابع حسين قوله: "الخوف منتشر بشكل كبير هذه الأيام. والناس يقدمون على شراء المسدسات، بسبب شعورهم بالخوف، ورغبتهم في تخويف الآخرين. فنحن في غابة الآن" ومضت المجلة تشير إلى حقيقة انتشار السلاح وعمليات القتل بأسلوب الاقتصاص، وكذلك العنف والاعتداءات الجنسية، وأن تلك الأحداث طغت على الآمال الخاصة بالثورة وقال عز الدين شكري فشير، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة: "بات عدد متزايد من المصريين يؤمن بأن بمقدوره تحقيق أهدافه عن طريق العنف. ويمكث تحت هذا كله واقع الطموحات والآمال المحطمة للشباب صغير السن".

البطالة دافع إلى المخدرات
بعدها انتقلت المجلة إلى واقع آخر مأساوي يتمثل في تزايد إقبال الشباب على الحشيش وأقراص الترامادول، موضحةً أنهم اصطدموا بواقع مغاير لأحلامهم، التي وُلِدت مع ثورة يناير، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مع أزمة البطالة والأسعار المتزايدة الاتساق مع مشكلات أخرى، مثل أزمة الوقود وترنح الاقتصاد والعنف وتولد شعور عام بالانهيار، أوضح مايكل حنا، وهو زميل بارز في مجموعة بحوث مؤسسة القرن في نيويورك، أن ذلك حظي بتأثير سلبي وكبير للغاية على رجال الأعمال والمستثمرين.


وسبق أن أشار البنك الدولي إلى أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة جاء سلبياً للمرة الأولى عام 2011 كما ستشكل الاستثمارات 15.5 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013، وهو أضعف معدل يتم تسجيله منذ أن بدأ الاهتمام بهذا الأمر عام 1980، وفقاً لما ذكره صندوق النقد الدولي، الذي يجري محادثات الآن مع مصر.

الأمن أولوية
كما لفتت المجلة إلى ضعف الجنيه مقابل الدولار، وكذلك تراجع احتياطات النقد الأجنبي. وعاودت لتنقل عن حنا قوله: "سوف يتسبب التدهور الناشئ في الجانب الأمني في عدول المستثمرين المحتملين. فأزمات مصر أمنياً واقتصادياً وسياسياً كلها متشابكة" وقال عمر عثمان، مدير صندوق مصر لمكافحة المخدرات وعلاج الإدمان، إن الركود الاقتصادي أدى إلى تآكل التفاؤل بأن تكون الثورة نقطة انطلاق جديدة، لكن الواقع المؤلم يتحدث عن زيادة عدد المدمنين ومحاولة الجميع خلق فقاعات للهروب من الواقع وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن الأمن يشكل أولوية أولى، في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس مرسي بأن يتم التعامل بصرامة مع منتهكي القانون، وأن يتم التفريق بين الاحتجاجات السلمية وبين التظاهرات التي تنطوي على عنف وتضر بمصالح البلاد.