شهدت العاصمة الأردنية ومدن أخرى اليوم الجمعة مسيرات واعتصامات شارك فيها المئات ضد قدوم القوات الأميركية للأردن، وغابت عن المسيرات إلى حد كبير الهموم الداخلية رغم هتاف البعض ضد الملك عبد الله الثاني وحكومة رئيس الوزراء عبد الله النسور التي حازت على ثقة البرلمان الثلاثاء الماضي وجاءت هذه المسيرات قبل ساعات من لقاء قمة سيجمع الملك الأردني بالرئيس الأميركي باراك أوباما والذي ستسيطر الأوضاع في سوريا على الجزء الأكبر منه، وبعد إعلان الملك عقب لقائه جوزيف -بايدن نائب الرئيس الأميركي- أمس أن الوضع في سوريا وصل لمستوى خطير.

 

وكان مندوب الأردن لدى الأمم المتحدة زيد بن رعد قدم أمس رسالة لمجلس الأمن تطالبه بالتدخل لمعالجة الوضع الإنساني الخطير جراء التدفق الكبير للاجئين السوريين للأردن، والذين وصل عددهم إلى نصف مليون سوري ولبى المتظاهرون اليوم دعوات قوى حزبية وشعبية إثر إعلان وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل مؤخرا أن بلاده سترسل مائتي جندي كمقدمة لدفعات أخرى لمساعدة القوات الأردنية على تعزيز دفاعاتها جراء التهديدات القادمة من سوريا.

 

وخرجت مسيرتان من المسجد الحسيني في عمان، واحدة قادتها قوى قومية ويسارية واتجهت نحو ساحة النخيل، والثانية خرجت بها حراكات شعبية ومتقاعدون عسكريون باتجاه الديوان الملكي، حيث منعت قوات الأمن المتظاهرين من الوصول إليه وهتف المتظاهرون في المسيرة الأخيرة "هذي الأردن تبقى حرة.. والأميركي يطلع برة"، و"أميركا هي هي.. أميركا رأس الحية"، وشهدت المسيرة هتافات طالت الملك والحكومة، وحال تفاهم القائمين على المسيرة مع قوات الأمن دون الاصطدام بعد منعهم من الوصول للديوان الملكي ورفع المتظاهرون صورا لرئيس الوزراء الأردني الراحل وصفي التل، كما رفعوا شعارات تشيد بالجيش الأردني وتدعوا لـ"حمايته من التورط في سوريا".

تنديد وهتاف
وخرجت مسيرة في إربد (
81كم شمال عمان) نظمتها الحركة الإسلامية وقوى شعبية نددت بالقوات الأميركية وباستمرار اعتقال الجندي أحمد الدقامسة الذي قتل سبع إسرائيليات عام 1997 وحكم عليه بالسجن المؤبد.

وتحدث في المسيرة رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين نواف عبيدات الذي اعتبر حضور تلك القوات يشكل خطرا على المملكة وعلى سوريا وثورة شعبها، مؤكدا أن الثورة السورية قادرة على إسقاط النظام دون حاجة لأي تدخل خارجي إن توفر لها الدعم العربي والإسلامي.

 

وشهدت مدينة جرش (35 كم شمال عمان) مسيرة ائتلاف جرش للتغيير التي رفعت شعار "من يبيع القدس.. لا يشتري دمشق"، وهتف المشاركون فيها "الله يحمي هالأوطان.. من عملاء الأميركان".

وفي الطفيلة (179 كم جنوب عمان) خرج المئات في جمعة أسموها "جمعة سيادة الوطن" ونددوا بأي تواجد أميركي بالأردن، وحذروا النظام من أي اعتداء لهذه القوات على السيادة الأردنية أو السماح بدخولها لسوريا عبر الأردن كما شهدت محافظة الكرك (جنوب) ثلاث وقفات احتجاجية لرفض التدخل، ونددت بحكومة النسور منتقدة النظام الملكي بسبب ما اعتبره المحتجون عدم تحقيق أي إصلاحات حقيقية، ووصفوا حصول الحكومة على ثقة البرلمان قبل أيام بـ"المشهد العبثي".

 

رفض شعبي
وكان مصدر في الجيش الأردني قال قبل أيام إن حضور مائتي جندي أميركي سيشكل الدفعة الأولى من قوات أخرى ستحضر قريبا للمشاركة بمناورات الأسد المتأهب
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين الأردنية الخميس رفضها تواجد قوات أجنبية وأميركية في الأردن "والتي لم تكن يوما من الأيام إلا منحازة ضد مصالح الأمة".

 

وقرأ مراقبون الرفض الشعبي لهذا التواجد على أنه تعبير عن القلق من مآلات أي تدخل أجنبي في سوريا، حيث قال المحلل والنائب السابق علي الضلاعين للجزيرة نت إن مسيرات الجمعة تعبر عن القلق والحيرة لدى الأردنيين الذين عاشوا نكبة العراق قبل عشر سنوات عندما احتلت القوات الأميركية هذا البلد ودمرته تحت شعارات الحرية واتهم الضلاعين النظام السوري بأنه السبب وراء كل المآلات الحالية التي جرّت الدمار على سوريا وباتت تهدد الأردن، وأضاف أن الشعب الأردني الذي يؤيد الثورة السورية "سيواجه أي محاولات للنظام الأردني للسماح للقوات الأميركية بالدخول إلى سوريا".