بدأت الأزمة التي تعصف بالاتحاد الأوروبي في التسبب في ظهور أشكال من الاحتجاج وأحقاد تعود الى الماضي تطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل الاتحاد. ومن أبرز ما جرى تسجيله فقط خلال الأسبوع الجاري قرار اليونان مطالبة المانيا بتعويضعها عن الحرب العالمية الثانية بمبلغ 162 مليار يورو، وإعلان سويسرا تشديد المراقبة ضد إقامة مهاجري باقي دول أوروبا الغربية، وأخيرا قرار نشطاء سياسيين راديكاليين في اسبانيا محاصرة البرلمان حتى الإطاحة بالحكومة.

 

اليونان تطالب المانيا بالتعويض عن الغزو النازي

 

وتعتبر اليونان الدولة الأكثر مديونية وسط الاتحاد الأوروبي، وأقدمت المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي على إنقاذ الاقتصاد اليوناني مرتين خلال الأربع سنوات الأخيرة، وبلغ الدين العمومي 172% من الناتج الإجمالي الخام. وتتعرض اليونان لضغط من مؤسسات مالية وأوروبية وكذلك من المانيا التي قدمت الكثير من القروض.

 

وأمام الأزمة الخانقة التي تعيشها اليونان وهذه الضغوطات، قررت حكومة أثينا أول أمس الأربعاء  مطالبة المانيا بتعويضات عن خسائر الحرب العالمية الثانية وتقدر ب 162 مليار يورو. ويأتي قرار أثينا في أعقاب حملة تتعرض لها المانيا في الكثير من دول أوروبا وخاصة الجنوب مثل البرتغال وإيطاليا واسبانيا علاوة على اليونان تتهمها بإجبار هذه الدول على التقشف.

 

وكانت جمعيات وأحزاب سياسية يونانية هي التي بدأت مطالبة المانيا بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بالبلاد خلال الحرب العالمية الثانية، لكن الأمر تطور الى أن تبنت الدولة اليونانية الفكرة وطرحت منذ يومين رسميا مطالبة المانيا بتعويض 162 مليار يورو ومن شأن هذا القرار أن يسبب في تصدع حقيقي وسط الاتحاد الأوروبي لأن دول أخرى تعرضت للغزو النازي قد تطالب بدورها المانيا بتعويض عما لحقها من إتلاف للبنيات التحتية خلال الحرب. وكانت جريدة لوموند الفرنسية قد تحدث عن المخاوف لدى الطبقة السياسية الأوروبية من ردة فعل ضد المانيا التي يبدو أنها تجبر حكومات جنوب أوروبا على التشقف.

 

وتذهب التعاليق سواء في اليونان أو المانيا بل وكذلك في دول مثل اسبانيا وإيطاليا أن مطالبة المانيا يعني تحريك الماضي المأساوي للحرب العالمية الثانية والانتقال الى ثقافة المواجهة التي يعتقد أن  مواطني أوروبا الحاليين قد تخلوا عنها.

 

عودة الحدود بين الدول الأوروبية

 

وفي قرار مفاجئ، قررت حكومة سيوسرا تقليص رخص العمل الخاصة بمواطني الاتحاد الأوروبي ابتداء من شهر مايو المقبل. وجاء القرار بضغط من اليمين الذي لم يعد يستحمل قدوم مواطني أوروبا الغربية لسويسرا للعمل بشكل كبير للغاية. وتكتب تريبين السويسرية عن قلق الرأي العام السويسري بشأن ارتفاع المهاجرين الأوروبيين.

 

وقرار سويسرا يدفع المحللين الى الحديث عن مقدمة لما قد تصبح عليه أوروبا مستقبلا بعودة الحدود ابين الدول الأعضاء بسبب الأزمة وبسبب ارتفاع أحزاب اليمين القومي الراديكالي التي تطالب بذلك.

 

اسبان يرغبون في أسقاط البرلمان والحكومة

 

وفي مظهر آخر لما تفرزه الأزمة الاقتصادية الحالية من أشكال عنيفة للتغيير ولو بالقوة، دعت مجموعة من الشباب الإسباني الى الاعتصام مساء أمس أمام البرلمان بهدف إسقاط الحكومة والملكية والانتقال الى مرحلة جديدة من أشكال الحكم تعتبرها أكثر إنسانية وليس في خدمة المؤسسات المالية. ولم يكن الاعتصام كبيرا وشارك فيه أكثر من ألفي شخص، ولكنه خلف مواجهات عنيفة مع الشرطة. ومثل هذه التظاهرات تبرز السخط العارم ضد مؤسسات الدولة الإسبانية لعجزها عن مواجهة الأزمة الاقتصايدة وما تخلف من ارتفاع مخيف للبطالة، إذ وصل أمس ستة ملايين و200 ألف عاطل وبهذا تكون الأزمة الاقتصادية قد بدأت تسبب وتفرز في تطورات وظواهر سلبية لم تكن مرتقبة ولم يكن أحد يعتقد في عودتها.