تحظى تصريحات مؤسسة الرئاسة في مصر والرئيس محمد مرسي بقدر كبير من الاهتمام على الصعيدين الداخلي والخارجي، لا سيما وأنها تخفي بين طياتها الكثير، ما يجعلها مادة خصبة للتحليل والتأويل. ولعل آخر التصريحات تلك التي أكد مرسي من خلالها وجود مؤامرات داخل حكومته، وهو ما جعل البعض يرى أنه يريد ببساطة استبدال هيكل السلطة بآخر موالٍ له إن مرسي يصور نفسه طوال الوقت زعيمًا يعيش في مشهد مليء بالمؤامرات، يحوكها رجال أعمال فاسدون وشخصيات تعمل في الظل من أجل تقويض نظام حكمه الجديد.

 

الدولة العميقة

 

وبينما يحتج المتظاهرون ويضرب العمال ويحتشد الطلاب ويمر الاقتصاد بحالة من الفوضى المخيفة،  أن عدو الرئيس الأكثر خطورة يكمن ربما خلف كواليس ما يعرف باسم الدولة العميقة، مضيفةً أن الكثير من ضباط الشرطة والمخابرات تحديدًا لا يزالون موالين للحرس القديم، ويتخوفون من أن يمضي مرسي بالبلاد بعيدًا عن حلفائها الغربيين، ويتجه بها صوب الأصولية الدينية.

 

أما مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، الذين يسيطرون حاليًا على الحكومة، فيتهمون هؤلاء المسؤولين المؤيدين بعد لمبارك بأنهم يحاولون إفشال المرحلة الانتقالية وامتد الحديث عن المكائد والمؤامرات إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث حمّل قبل أيام موقع جماعة الإخوان المسلمين على شبكة الإنترنت فساد الدولة العميقة مسؤولية التسمم الغذائي الذي أدى الى نقل نحو 500 طالب في الأزهر إلى المستشفى.

 

نسخة إخوانية

 

 أن الإجراءات القضائية الأخيرة تشير إلى أن مؤسسات الدولة تتحرك صوب فرض حدود على مرسي، الذي مرر دستورًا يحظى بدعم إسلامي وتجاهل قرارات قانونية تشكل تحديًا لسلطاته. وأشارت الصحيفة إلى أن خصوم مرسي السياسيين يرون أنه يبالغ في قوة هيكل السلطة السابق، وأن كل ما يريده الآن هو أن يستبدله بهيكل آخر موالٍ له وأكد منتقدوه أنه يريد نسخة إخوانية من سلطات مبارك التي كانت ترتكز على السيطرة والمحسوبية.

 

و المواجهة القائمة في الوقت الراهن بين مرسي وقضاة مصر، ونقلت في هذا الشأن عن حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، قوله: "اتضح أن مرسي والإخوان لا يمتلكون أي خبرة في الحكم، ولديهم جشع للهيمنة والسلطة، وهناك شعور الآن بأن الثورة قد سُرِقَت، وأن هناك محاولات حقيقية تجاه ما يطلق عليه كثيرون أخونة الدولة".

 

أيدٍ خفية

 

تُعقَد المقارنات الآن بين جماعة الإخوان التي تأسست قبل 85 عامًا، والتي كانت تعتبر الصوت الوحيد غير الفاسد في مواجهة النظام القديم، وبين الحزب الوطني الديمقراطي المنحل الذي كان يترأسه الرئيس السابق حسني مبارك، في دلالة واضحة على ما يشعر به المواطنون بعد وصول الإخوان إلى سدة الحكم ومع هذا، يتحدث مرسي عن أيدٍ خفية تحاول أن تضعف حكومته من الداخل والخارج. ولم يكشف الرئيس قط عن هوية الأطراف الخارجية التي تصطف في مواجهته، لكن يقال إنها تضم عملاء إسرائيليين وفي بعض الأحيان مسؤولين أميركيين.

 

  أن المؤامرات، سواء كانت حقيقية أم وهمية، تعتبر من الموضوعات الخطيرة في بلد يشهد انقسامات سياسية ودينية عميقة وارتفاعًا في معدلي البطالة والتضخم.

 

ليسوا بديلًا

 

مع استمرار المواجهات بين مرسي وأحزاب المعارضة، التي تأتي جبهة الإنقاذ في مقدمتها، يتهم أنصار الإخوان الحرس القديم بدفع أموال لبلطجية مسلحين من أجل اختراق التظاهرات المناهضة للحكومة وإثارة أعمال شغب فيما أشار بعض المراقبين إلى أن أفضل خيار يمكن أن تلجأ إليه المعارضة السياسية هو تعزيز إستراتيجية احتجاجية تجبر الجيش على تنفيذ انقلاب عسكري يمنع الانهيار الاقتصادي.

 

لكنّ آخرين اختلفوا مع هذا الرأي، من منطلق أن قيادات الجيش الذين أداروا شؤون البلاد على مدار 17 شهرًا في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، لا يريدون العودة مرة أخرى للقيام بتلك المهمة. وختمت الصحيفة بنقلها عن نافعة قوله: "إن خسر الإخوان الأغلبية في الانتخابات، فإني أتصور أن شعبيتهم السياسية سوف تنتهي إلى الأبد، ومن الواضح أنهم ليسوا بديلًا للنظام المستبد السابق".