الجيش الملكي لكل المغاربة، وليس لمدينة أو جمهور، ألغوه لتتقدم الكرة في المغرب، ألغوه كي لا يشك الجمهور في الدولة، ألغوه لأن فريقا للجيش في البطولة لا يعني إلا الديكتاتورية والاستبداد…

[youtube U5dLALiYoAQ]


شهدت العاصمة الإقتصادية يوم الخميس المنصرم، مباراة الكلاسيكو بين متزعم البطولة فريق الرجاء البيضاوي و غريمه التقليدي فريق الجيش الملكي، و قد عرفت البيضاء قبل هذه المباراة أعمال شغب و فوضى عارمة، كسرت هدوء جماعة المعاريف، و دروبها و أزقتها المثاخمة طبعاَ لملعب مركب محمد الخامس، ما أثر سلباَ على هذا العرس الكروي الذي طالما انتظرناه طويلا.


[youtube NX6MTatzfoM]


و نحن هنا لكي نُسميّ الأشياء بمُسميّاتها، و لكي نقرأ الأحداث التي وقعت قبل و أثناء المباراة و حتى بعد انتهاء اللقاء…، قراءة متأنية تُلامس كل الجوانب، و خاصة منها الجانب الأمني الذي سالت كثير من الأقلام ، مُعاتبة له، و كأن الجهاز الأمني بالبيضاء هو المسؤول عن الفوضى العارمة و كل الخسائر المادية و حتى البشرية التي عرفتها مدينة البيضاء يوم الخميس الأسود، و للأمانة الصحفية فإننا كإعلاميين محايدين نُـنوّه بالمجهودات التي قامت بها الأجهزة الامنية البيضاوية، قبل المباراة و حتى أثناءها، لكن ما باليد حيلة، فما وقع ليلة الخميس كما أمراً مُدبراً من طرف جمهور العاصمة الرباط ، و يُمكنه تشبيهه بعمل إرهابي تخرييبي مُنظم، من طرف مجموعات محبي فريق الجيش الملكي (بلاك أرمي، والترا عسكري، وأيضا الجماهير العسكرية العادية)، التي أتت لمساندة فريقها المُفضل.


و لكي لا يقول البعض أننا نحن نلعب دور أصحاب البدلة السوداء أي (المحامون) في دفاعنا عن رجال الأمن، فإننا نشد بحرارة على أيديهم بهذه المناسبة، فقد لقي عدد منهم إصابات بليغة بسبب تهور عدد كبير من مشجعي الفريق العسكري، وقد نبهنا إلى ما كان سيقع لولا الألطاف الربانية و مجهودات الأمن البيضاوي الذي قاسى الأمرّين من جراء محاولة ثني جحافل الفريق العسكري الذين كانوا في حالة هيجان، عن أعمال التخريب و التكسير و الفوضى التي شهدتها العاصمة الإقتصادية للمملكة.


و الواقع أن عدد رجال الأمن البيضاوي على قلتهم، ما كان باستطاعتهم لوحدهم، صدّ كل تلك الجيوش الرباطية الهائجة على غير العادة…، و لا يُسمح لنا كمتتبعين أن نُلقي باللوم و العتاب على الشرطة، لأنهم كانوا شجعاناً و بواسل، لكن "الله غالب"، فعددهم رغم التعزيزات التي عرفتها البيضاء يبقى غير كافي موازاة مع الجماهير التي قدمت من الرباط ، و كان الأجذر أن تتم التعزيزات الأمنية من خارج العاصمة الإقتصادية، نظراً لعلمنا المُسبق بما قد تعرفه مثل هذه اللقاءات النارية من أحداث شغب و فوضى، و خاصة في مثل ظروف إجراء هذه المبارة التي كانت ستُحدد معالم الفريق البطل، و المُؤهل لتمثيل الكرة المغربية في بطولة العالم للفرق الفائزة بالبطولة.


فما قرأناه على مواقع الفيسبوك لتلك المجموعات المشجعة للفريق العسكري، كان يُنبأ بأخبار غير سعيدة، من المُتوقع أن تعرفها العاصمة الإقتصادية، أو بالأحرى مباراة الكلاسيكو بين الرجاء و الجيش، و كان الأجدر أن تكون هناك مراقبة أمنية مُشددة و تتبُع  من لدُن البوليس بمدينة الرباط، حتى دخولهم إلى مركب محمد الخامس، تفادياً لأي اصطدامات مُحتملة بين جمهوري الفريقين، خاصة بعد وُرُود أخبار على صفحات التواصل الإجتماعي ملؤها الوعيد بالتخريب و التكسير و الفوضى و رد الإعتبار للفريق العسكري.


فما عرفته البيضاء ليلة "الخميس الأسود" أضحى بمثابة وصمة عار على جبين الكرة المغربية، و لا يشرف الرياضة و الرياضيين المغاربة و كذا كل المُحبين على اختلاف تلاوينهم…، فالرياضة هي قبل كل شيء تربية و سلوك وأخلاق، و ليس مبارزة و فوضى و كلام ساقط و إرهاب نفسي يطال الجميع، حتى من لا علاقة له بالرياضة، فرجال الأمن أصبحوا مُهددين في أبدانهم و مُشوشين في أفكارهم ما يؤثر على حالتهم النفسية، قبل و أثناء و حتى بعد إجراء المقابلات، و كفانا من الإختباء وراء أخطاء الآخرين، و نحمل المسؤولية إلى أناس عملوا بجد من أجل تأمين و سلامة جميع المشجعين، و أقصد هنا رجال الأمن، الذين أضحوا في زمن البهتان "شماعة" نعلق عليها خيبة الكرة المغربية و كذا مشجعيها .   

 


الجيوش تلعب ضد الجيوش.

 الجيوش في الجبهة أو في الثكنات. 

الجيش الملكي لكل المغاربة وليس لمدينة أو جمهور.

لا يجوز أن يواجه الجيش الوداد أو الرجاء أو المغرب الفاسي أو النادي القنيطري، وإذا حصل فهذا يعني أن الرجاء يمكن أن تهزم الجيش، وأن الوداد يمكن أن تسجل عليه دزينة أهداف، وليس من مصلحة الجيش الملكي أن تلعب ضده فرق تمثل المدن، وتمثل الأحياء، وتمثل جمهورها، وتمثل مالكيها، ثم تهزمه أو يهزمها. 
 

لا يوجد فريق للجيش يلعب في بطولة كرة وطنية إلا في كوريا الشمالية وفي سوريا والعراق ودول أخرى على هذه الشاكلة، ومن العار أن نوضع في خانة مثل هذه الدول، وأن يستغرب العالم ويضحك ويخاف من بطولتنا التي يلعب فيها العسكر وينافس على البطولة.
 

الجمهور الذي خرب أمس مدينة الدار البيضاء هو ضحية فريق الجيش الملكي. يعتقد ذلك الجمهور أنه يمثل العسكر، وأنه يحق له أن يفعل ما يريد، وأن يتحدى الأمن وينهب ويكسر دون أن يحاسبه أحد، ويستغرب أن يتم اعتقاله.
 

اللاعبون الذين يلعبون في الجيش الملكي هم أيضا ضحية هذا النشاز، مهما لعبوا بشكل جيد ومهما تفوقوا وسجلوا الأهداف، هم دائما متهمون من الأندية الأخرى، هم دائما ينتصرون لأنهم مدعومون ويفوزون في لعبة غير متكافئة.
 

الحكام الذين يتم اختيارهم لتحكيم مباراة يوجد فيها الجيش الملكي هم أيضا ضحية العسكريين ومشكوك دائما في أمرهم، ويعانون من التهمة مهما كانوا محايدين، هم دائما موضع شك من طرف الأندية الأخرى، أي صفارة،أي خطأ، يفسر على أنه تحيز لفريق الدولة والنظام والمخزن.
 

جمهور الرجاء والوداد وكل الفرق الأخرى هو أيضا ضحية الجيش الملكي، وكلما خسر ذلك الجمهور وهو يواجه هذا الخصم يرفع شعار الجامعة قوادة، ولو على سبيل التعويض النفسي يرفع الشعار، ليتقبل الهزيمة وهو مطمئن البال. 


لنتخيل أن فريق الجيش الملكي فاز بالبطولة هذه السنة، وشارك في كأس العالم للأندية وواجه برشلونة أو فريقا من آسيا أو أمريكا الجنوبية، كيف سينظر لنا حينها العالم، وهل ستقبل الفيفا أن يلعب الجيش ضد المدنيين، ولا شك لو حصل ذلك أننا سنتحول إلى موضوع للتندر وللتعليقات الساخرة والمندهشة من بلد يشارك فيه جيشه في بطولته الاحترافية ويمثله في المنافسات الدولية.
 

تتأسس الكرة في العالم اليوم على الاستثمار وعلى عائدات الإشهار، ومن الصعب أن نقبل فريقا في بطولة احترافية يصرف عليه من ميزانية الجيش  لمنافسة شركات خاصة وأندية أخرى تنفق وتشتري اللاعبين وتكونهم من مالها الخاص، إنها منافسة غير شريفة وغير عادلة، وتسيء إلى سمعة المغرب.

ألغوا هذا الفريق، لأنه من غير المقبول أن يتنافس الجيش مع باقي المغاربة.
 

الجيش للجميع

وفوق كل صراع في السياسة أو في الرياضة

ألغوه لتتقدم الكرة في المغرب

وتحتد المنافسة بين الأندية من أجل الربح الرياضي والمادي

ألغوه كي لا يشك الجمهور في الدولة 


ألغوه لأن فريقا للجيش في البطولة لا يعني إلا الديكتاتورية والاستبداد، أما إذا تشبثتم به، فالغوا بدل ذلك كل الأندية، شطبوا على الرجاء والوداد والكوكب والمغرب الفاسي ومولودية وجدة….واصنعوا لنا الجيش البيضاوي والجيش الرباطي والجيش الفاسي والجيش المراكشي والجيش الخريبكي وفريقا للجيش في كل مدينة مغربية كي لا يشعر أحد بالنقص ولتتكافأ الفرص، ولكي نختار بشكل واضح ماذا نريد، وألا نظل عالقين في البين بين، ندعي الديمقراطية والمدنية، في وقت نضطر فيه إلى مواجهة الجيش في كرة القدم.