يصر عبد الإله بنكيران إلى الذهاب بعيدا في تهديد الدولة والمجتمع، فبعد أن هدد بعودة الربيع العربي الذي يمكن أن يقلب الأمور سافلها على عاليها، قال أخيرا إنه إما أن يذهب في تحقيق الإصلاحات التي من أجلها ترأس الحكومة أو يموت شهيدا ومعروف عن بنكيران أنه يبعث الرسائل في كل خطاب من خطاباته وهي رسائل أصبحت معروفة الوجهة ولم تعد في حاجة إلى أدوات تحليل الخطاب لفهمها  نطمئن أولاد العدالة والتنمية أن بنيكران لن يموت شهيدا، فهو يفضل الاستشهاد بالمراسلة، على غرار الجهاد بالمراسلة الذي مارسه في أفغانستان وفلسطين وسوريا.

 

ففي أوج الصراع بين السلفية الوهابية المدعومة أمريكيا مع الاتحاد السوفياتي، أي الصراع بين معسكر المؤمنين و"الكفار بالله"، حسب ما روجت له الجماعات الدينية، وفي أوج الجهاد الأفغاني الذي استغل كل الوسائل بما فيها الأفيون، كان بنكيران يجلب الشباب للجهاد ليرسلهم لأفغانستان بدعم من الدكتور عبد الكريم الخطيب، مؤسس العدالة والتنمية ورئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني. لقد كان بنكيران حينها في مرحلة فتوته وعنفوانه، فلماذا لم يذهب بنفسه لحمل السلاح؟ إنه يفضل الجهاد بالمراسلة وينتظر دوره ليصبح زعيما ورئيسا للحكومة. اطمئنوا إنه احرس الناس على الحياة، فالرجل لا يستفيق من سباته إلا في حدود الساعة الحادية عشر والنصف صباحا، اذهبوا لتتأكدوا بأنفسكم السيارة الوزارية التي تبقى مركونة أمام بيته والرعية في انتظار الطلعة البهية.

 

لكن لماذا هذا النوع من الخطاب؟

 

هذا الخطاب يعني شيئا واحدا لا ثاني ولا ثالث له. يعني أن بنكيران متشبث برئاسة الحكومة مهما كان الثمن. وبقاؤه في الكرسي ضروري. وأن أي محاولة لإزاحته فهي مغامرة لأن هناك من سيخرج لإحداث الفوضى طبعا لن يكون معهم بنكيران، ولكن الاحتياطي متوفر وهم مستعدون لأي فعل من أجل هذا الولاء الغامض وخطورة هذا الخطاب لا تكمن في صاحبه لأنه معروف عنه الخوف. ولكن خطورة الخطاب تكمن في كونه صادر عن حركة وهابية تلتقي مرجعيتها مع مرجعية السلفية الجهادية، والاستشهاد عندها يعني إشعال الحرائق وهناك كثيرون مستعدون للموت من أجل الحور العين.

فالحزب الإسلامي المشارك في العملية السياسية أين يمكن تصنيفه؟ يقول حزب العدالة والتنمية عن نفسه إنه حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية كونه حزب سياسي خاضع لقواعد اللعبة السياسية فلا جدال في ذلك، لكن تبقى المرجعية الإسلامية محط جدل. شكلت فصيلة الحركة الإسلامية، الذي قادها بنكيران ورفاقه، القاعدة الخلفية لحزب العدالة والتنمية. ويوم أرادوا الانتقال للعمل السياسي كتب لهم العثماني "فقه المشاركة السياسية لدى شيخ الإسلام بن تيمية"، وهو أكفر موسوعة تكفيرية. فابن تيمية التكفيري هو مرجعية الحزب الإسلامي. وبالتالي ينبغي أن نفهم الاستشهاد لدى بنكيران في سياقه التيمي الوهابي.

 

غير أن هناك نقطة أساسية لا بد من التعريج عليها. من منع بنكيران من الإصلاح؟ لم يمنعه سوى عجزه وعدم فهمه فالرجل الذي يدعي انه يملك امبراطورية التعليم الخاص لم يعط لنفسه فرصة لتعلم اللغات، فأنتم شاهدون على تلعثمه مع كبار المسؤولين الأجانب في ابجديات اللغة الفرنسية أما الإنجليزية والألمانية فهي بالنسبة له اشاعة من الإشاعات المغرضة.

 

هل يعتقد بنكيران أنه خليفة الله في الأرض؟ فهو مجرد رئيس حكومة منتخب يمكن إزاحته في أي لحظة عن طريق ملتمس رقابة أو انتخابات سابقة لأوانها بالجملة فإن بنكيران يوجه رسالة إلى من يهمه الأمر ممن يتحسس خصره ليوجه الضربات الموجعة للمجتمع في حالة إزالته من منصبه. ينبغي أن نعرف هل بنكيران ديمقراطي أم جهادي؟