يسعى الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة للحصول على اعتراف دولي به، مصحوبًا بدعم مالي وإمداد بالسلاح، غداة حصوله على اعتراف خليجي وعربي به وفرنسي وأميركي. وقد أكد رئيس الائتلاف الجديد حصوله على ضمانات من دول أوروبية من أجل تسليح مقاتلي المعارضة اعتبرت الولايات المتحدة الثلاثاء الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي تشكل الاحد، "ممثلا شرعيا للشعب السوري"، لكنها تجنبت الاعتراف به كحكومة مؤقتة قادمة كما فعلت فرنسا وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر "نعتقد انه ممثل شرعي للشعب السوري، انعكاس للشعب السوري (...) نريد ايضا ان يبدي (هذا الائتلاف المعارض) قدرته على تمثيل السوريين في داخل سوريا".

 

واشادت واشنطن مساء الاحد باتفاق الدوحة الذي انشأ الائتلاف الوطني للثورة والمعارضة السورية بهدف مقاومة "النظام الدموي" للرئيس السوري بشار الاسد واضاف تونر "اصبح لدينا هيكل قائم يمكن ان يعد الانتقال السياسي لكننا ننتظر تشكيل لجان فنية يمكننا بفضلها ان نكون واثقين من ان مساعدتنا تذهب الى مكانها الصحيح" واعلنت واشنطن منذ اشهر مساعدة انسانية و "غير مسلحة" للمعارضة السورية رافضة رسميا اي مساعدة بالسلاح للمعارضة المسلحة واكد المتحدث باسم الخارجية الاميركية "ليس هناك من تغيير بهذا الشأن" وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون انتقدت علنا في 31 تشرين الاول/اكتوبر المجلس الوطني السوري داعية الى معارضة سورية موسعة وموحدة وتعددية.

 

وفي وقت سابق اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء ان باريس تعترف بالائتلاف الجديد للمعارضة السورية "الممثل الوحيد للشعب السوري وبالتالي الحكومة المؤقتة القادمة لسوريا الديموقراطية" وقال هولاند في مؤتمر صحافي "اعلن ان فرنسا تعترف بالائتلاف الوطني السوري الممثل الوحيد للشعب السوري، وبالتالي الحكومة المؤقتة القادمة لسوريا الديموقراطية التي ستتيح الانتهاء من نظام بشار الاسد" وقال هولاند ان مسالة تسليم اسلحة الى المعارضة السورية، التي كانت باريس تعارضها حتى الان، "سيعاد بالضرورة طرحها" وذلك بعد اعترافه بالائتلاف الجديد للمعارضة السورية وقال هولاند في مؤتمر صحافي ان "هذا المسالة (تسليم الاسلحة) سيكون من الضروري اعادة طرحها ليس في فرنسا فحسب وانما في جميع الدول التي ستعترف بهذه الحكومة" المؤقتة. وكان الرئيس الفرنسي اعترف قبل ذلك بقليل بالائتلاف الوطني السوري الجديد "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري والحكومة المؤقتة القادمة".

 

يأتي ذلك في وقت رحب وزراء خارجية اوروبيون الثلاثاء في القاهرة بتشكيل الائتلاف الوطني السوري المعارض، في الوقت الذي طالب فيه رئيس هذا الائتلاف بدعم المعارضة بالاسلحة من جهته قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في القاهرة "ان الائتلاف خطوة كبيرة الى الامام" مضيفا "نحن نريد الان رؤية تنفيذ تفاصيل الاتفاق الذي تم في الدوحة ولا بد ان نرى على ارض الواقع ان الائتلاف الذي جرى تشكيله يمثل باكبر قدر ممكن اطياف المعارضة والطوائف المختلفة داخل سوريا" وتابع هيغ "نريد ان نرى اذا ما كانوا يحظون بدعم الداخل السوري. هذا اعتبار هام للغاية. ولو قاموا بكل ذلك عندها نعم سوف نكون قادرين على الاعتراف بهم كممثل شرعي للشعب السوري" وقال هيغ "هناك حظر تسليح على كامل سوريا. نحن لا نستبعد اي خيار للمستقبل لان هذه الازمة الخطيرة تتجه طوال الوقت من السيء الى الاسوأ. لكن موقفنا هو اعطاء دعم غير مسلح للمعارضة. هذا هو الموقف اليوم".

 

يريدون سلاحاً

 

وعلن احمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري الذي تشكل الاحد وضم تحت لوائه غالبية اطياف المعارضة السورية في تصريح لوكالة فرانس برس في القاهرة الثلاثاءانه يطالب بدعم مقاتلي المعارضة "باسلحة نوعية" وقال الخطيب ان "المعارصة بحاجة ملحة للاسلحة، لاسلحة نوعية"، واضاف "ان الدعم يقصر من معاناةالسوريين ونزيف دمائهم" واضاف لفرانس برس عبر الهاتف ان "ائتلافات وطوائف كثيرة انضمت للائتلاف الوطني السوري. البعض لهم تحفظات.. لكن نحن نتواصل مع الجميع" وتابع "الكثرة الكاثرة من المعارضة انضموا للائتلاف. انه الائتلاف الاقوى الان. وهو يمثل الداخل الحقيقي"، مشددا على ان "الائتلاف السوري يمثل معظم المعارضة السورية".

 

والتقى الخطيب في وقت سابق من الثلاثاء في القاهرة بوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ودعم فابيوس ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون الائتلاف السوري الجديد لكنهما لم يعترفا به ممثلا شرعيا للشعب السوري، كما فعلت دول مجلس التعاون الخليجي، ولا ممثلا شرعيا للمعارضة السورية، كما فعلت الجامعة العربية وتأمل المعارضة السورية في اعتراف دولي بالائتلاف الوطني السوري ما يسهل حصول مقاتلي المعارضة على الدعم وان كان الائتلاف السوري المعارض الجديد يأمل في الحصول على الاعتراف والدعم المالي والاسلحة من المجتمع الدولي، الا أنه يتعين عليه بحسب المحللين أن يثبت قدرته على السيطرة على الارض من اجل تسريع اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد.

 

وكشف رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب الذي حضر اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب أمس عن حصول الائتلاف على "ضمانات من دول خليجية وأوروبية" من أجل تسليح مقاتلي المعارضة الذين يسعون لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت قناة "سكاي نيوز عربية" عن الخطيب قوله أمس: "حصلنا على ضمانات من بعض الدول الخليجية والأوروبية، لكن الأمور تحتاج إلى بعض الإجراءات القانونية" واعترفت الجامعة العربية الاثنين بالائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري والمحاور الاساسي مع الجامعة العربية. و كانت دول مجلس التعاون الخليجي أول من اعترف بالائتلاف الوطني السوري "الممثل الشرعي للشعب السوري" في وقت مبكر الاثنين ودعا بيان مجلس وزراء الخارجية العرب تيارات المعارضة الى الانضمام الى الائتلاف الوطني حتى يكون جامعًا لكل اطياف الشعب السوري دون استثناء، وحث المنظمات الاقليمية والدولية على الاعتراف به ممثلاً شرعيًا لتطلعات الشعب السوري.

 

وقال مدير معهد بروكينغز في الدوحة سلمان شيخ إن "وحدة المعارضة تشكل بكل تأكيد خطوة مهمة... واذا اثبتت هذه الهيئة الجديدة مصداقيتها، ستقصر بالطبع من عمر النظام". ورحبت الولايات المتحدة باتفاق توحيد المعارضة بعد أن انتقدت بشدة تشرذم المعارضات السورية وعجز المجلس الوطني السوري الذي كان يعد الكيان المعارض الرئيسي، عن تمثيل سائر اطياف المعارضة ورحبت فرنسا ايضًا بقيام الائتلاف وقالت إنها تتعهد بالعمل على الحصول على اعتراف دولي بهذا الكيان "كممثل شرعي لطموحات الشعب السوري"، فيما قالت بريطانيا إنها ترى في الائتلاف جسمًا قادرًا على ادارة المرحلة الانتقالية الا أن مكونات الائتلاف المعارض تطمح الى اكثر من ذلك. وقال احمد معاذ الخطيب، وهو داعية معتدل، إن المعارضة بتوحدها قامت "بخطوة الى الامام وبات يتعين الآن على المجتمع الدولي أن يفي بتعهداته".

 

من جهته، قال نائب رئيس الائتلاف رياض سيف الذي قاد مبادرة توحيد المعارضة، إن هذه الاخيرة حصلت على وعود بالحصول على دعم مادي مشيرًا الى انه يتوقع "تحرير شمال سوريا في الاسابيع القليلة المقبلة" وكان المجلس الوطني السوري يعاني من نقص حاد في التمويل، وهو انضم بتردد الى الائتلاف المعارض الجديد بعد أن خسر ثقة واشنطن. واشتكى المجلس الوطني من تجفيف مصادر تمويله في الاشهر الاخيرة. وقال رئيس المكتب المالي للمجلس الوطني السوري سمير نشار "منذ منتصف شهر اذار (مارس) الماضي لم نتحصل الا على 40 مليون دولار بعد أن وعدونا في البداية بـ150 مليون دولار شهريًا" واضاف نشار "في منتصف اذار (مارس) وصلنا مبلغ خمسة ملايين دولار من دولة الامارات العربية المتحدة، ثم 15 مليون دولار على ثلاث دفعات من دولة قطر، واخيرًا 20 مليونًا و400 الف دولار من ليبيا بتاريخ 23 اب (اغسطس) الماضي".

 

وحتى ولو لم تحصل المعارضة السورية على الاسلحة بشكل مباشر، بامكانها شراء الاسلحة اذا ما حصلت على اعتراف دولي، بحسب ما قال لقناة الجزيرة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية الذي رعى اتفاق المعارضة في الدوحة. وقال العطية "عندما يحصلون على شرعية دولية، يمكنهم ابرام العقود التي يريدونها للحصول على الاسلحة" من جانبها، قالت ريم علاف المحللة في معهد شاتهام هاوس اللندني إن "الائتلاف يطلب من المجتمع الدولي مساعدة السوريين على القتال والدفاع عن انفسهم، خصوصًا أن النظام يستمر بالحصول على السلاح من حلفائه، وهو لا يطلب تدخلاً خارجيًا كما حصل في ليبيا".

واعربت علاف عن ثقتها بأن الائتلاف سينجح في توحيد المجالس العسكرية ومجموعات المسلحين المعارضين في سوريا تحت لوائه، كما سينجح على حد قولها في "تهميش العناصر الجهادية التي تم تضخيم حجمها". الا انها قالت إنه "طالما يحتفظ النظام بتفوق جوي، فإن شيئًا لن يتغيّر" من جهته، ابدى المحلل في مركز كارنيغي في بيروت يزيد الصايغ المزيد من التحفظ وقال إن "احد اكبر التحديات التي يواجهها الائتلاف الجديد هو فرض سلطته على المروحة الواسعة من المجموعات المسلحة التي تقاتل النظام والتي لا يسيطر عليها" واعتبر أن الائتلاف "يأمل بأن ينجح في تحقيق ذلك عبر فرض نفسه كممر وحيد للمساعدات المالية وعبر الحصول على اسلحة محمولة متطورة مضادة للطيران (مثل قاذفات ستينغر) ومضادة للدروع". الا أنه توقع بأن تكون الدول الغربية مترددة في تقديم هذه الاسلحة "قبل أن يثبت الائتلاف بأنه قادر على تشكيل قيادة موحدة وفاعلة" ويشكل هذا الهدف تحديًا هائلاً بحسب سلمان شيخ الذي يشير الى وجود عوائق في صلب تكوين هذا الائتلاف، خصوصًا الحجم المعطى للمجلس الوطني السوري والمجموعات الكردية التي خصص لها منصب النائب الثالث لرئيس الائتلاف وما زالت تتحفظ على الانضمام.

 

الكرسي الرسولي يرحب بالاتفاق بين مكونات المعارضة السورية ويتحفظ على توجهاتها

 

اعلن الكاردينال روبرت سارا والقاصد الرسولي في سوريا المونسنيور ماريو زيناري الثلاثاء ان الاتفاق الذي توصلت اليه قوى المعارضة السورية بتوحدها في ائتلاف من شأنه ان يسهل التفاوض من اجل السلام، لكنهما ابديا تحفظات عن توجهات الائتلاف الجديد وفي مقابلة الثلاثاء مع راديو الفاتيكان، اشاد الكاردينال روبرت سارا الذي اوفده البابا بنديكتوس السادس عشر الاسبوع الماضي الى لبنان للاعراب عن تضامن الكنيسة مع سوريا، بهذه الخطوة المتقدمة. وقال "لدينا على الاقل هيئة نتحاور معها. لأنه في السابق لم نكن نعرف مع من نجلس ونتحدث" واضاف "نأمل في ان يسهل توحيد المعارضة المفاوضات. لكني لا اعرف ان اجيب هل ان هذه الهيئة ستكون حدثا ايجابيا لتحقيق السلام" ام لا.

 

واوضح الكاردينال الغيني ان السلطات السورية "تعتبر ان للكرسي الرسولي صوتا" في الجهود الرامية لوقف هذه الحرب و"تأمل في هذا التدخل الممكن من قداسة البابا" وقال "اعتقد انه اذا ما استمعت المجموعة الدولية لصوت الاب الاقدس وقررت الجلوس لاجراء مناقشات، نستطيع ان نجد حلا" كذلك اشاد المونسنيور ماريو زيناري القاصد الرسولي في سوريا في تصريح لاذاعة الفاتيكان بتشكيل ائتلاف لقوى المعارضة، معتبرا انه يمكن ان يسفر عن "النتيجة الايجابية للتحدث بصوت واحد" واشاد ايضا ب "تنسيق مهم" و"مزيد من الوحدة في اطار المعارضة للتوصل الى تسوية ممكنة والى التحاور مع الحكومة".

 

وتعليقا على انتخاب المسيحي جورج صبرة رئيسا جديدا للمجلس الوطني السوري، ابرز مكونات الائتلاف الجديد المعارض، قال المونسنيور زيناري انه ينظر الى انتخابه "في اطار روحية الحوار الضروري والمصالحة" لكنه اقر بأنه من "الصعب" اصدار حكم في الوقت الراهن. وقد اكد صبرة انه اذا ما كانت المساعدة الانسانية ضرورية، فان المعارضين السوريين يحتاجون ايضا الى السلاح للدفاع عن انفسهم.

 

فابيوس: فرنسا "ستدعم" الائتلاف الوطني السوري المعارض

 

إلى ذلك، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اثر لقائه قادة الائتلاف الوطني السوري الثلاثاء في القاهرة، ان فرنسا "ستدعم" هذا الائتلاف الذي اتحدت تحت لوائه غالبية اطياف المعارضة السورية.وقال الوزير الفرنسي في ختام الاجتماع "الان هم متحدون، هذا مهم جدا (...) فرنسا ستدعمهم" وقال فابويس في مؤتمر صحافي في القاهرة "نحن نأمل ان تعترف مختلف الدول بالائتلاف الوطني السوري بصفته الممثل الشرعي للشعب السوري"، مضيفا ان "دور فرنسا هو جعل ذك الامل ممكنا" والتقى فابيوس في القاهرة كلا من رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد معاذ الخطيب ورئيس المجلس الوطني السوري، ابرز مكونات الائتلاف، جورج صبرة، كما افاد مصدر دبلوماسي فرنسي. ولم يأت الوزير على ذكر عزم فرنسا على الاعتراف رسميا بالائتلاف، لكنه اشار الى ان بلاده "لطالما كانت في طليعة" داعمي المعارضة السورية التي "خطت لتوها خطوة بالغة الاهمية" بتوحدها في هذا الائتلاف.

 

ويشارك الوزير الفرنسي في القاهرة في اجتماع وزاري بين الاتحاد الاوروبي ودول الجامعة العربية.من جهتها ابدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي التي تشارك في الاجتماع الوزاري في القاهرة ترحيبها بولادة الائتلاف السوري المعارض، ولكنها حذرت من تفاقم النزاع الدائر في سوريا والذي خلف منذ اندلاع الاحتجاجات في آذار/مارس 2011 اكثر من 37 الف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وقالت آشتون في مستهل الاجتماع الوزاري "اود ان احيي العمل الذي جرى في الدوحة لبناء وتوحيد المعارضة". واضافت "لكن مأساة سوريا مأساة لا تنحصر بهذا البلد وانما تطال المنطقة باسرها".  وتابعت الوزيرة الاوروبية "ان الدول الممثلة هنا تدرك التحديات التي يشكلها موضوع اللاجئين الذين يفرون من بلدهم لانقاذ حياتهم وتدرك ايضا خطر تفاقم العنف".